أن أتثبت، وقد قَبِل عمر خبر الضحاك بن سفيان وحده في الدية، وغير ذلك.

انتهى (?).

وقوله: (فَقَالُوا ... إلخ)؛ أي: قال الأنصار، قال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: إنما قال

ذلك الأنصار إنكارًا على عمر - رضي الله عنه - فيما قاله، إنه حديث مشهور بيننا، معروف

عندنا، حتى إن أصغرنا يحفظه، وسمعه من رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وقوله: (فَقَالَ عُمَرُ: خَفِيَ عَلَيَّ هَذَا ... إلخ)؛ أي: أَمْر الاستئذان ثلاثًا،

وهذا اعتراف من عمر - رضي الله عنه -، واعتذار مما وقع منه في حقّ أبي موسى - رضي الله عنه -،

وبيان لسبب كون الحديث المعروف بينهم خفيَ عليه.

وقال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: إنما قال عمر - رضي الله عنه - هذا عاتبًا على نفسه، وناسبًا لها

إلى التقصير، ثم بيَّن عذره بقوله:

(أَلْهَانِي عَنْهُ الصَّفْقُ بِالأَسْوَاقِ) زاد البخاري: ("يعني: الخروج إلى

التجارة"؛ أي: شغلني عن هذا الحديث أمر التجارة والمعاملة في الأسواق،

كما قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ}

[المنافقون: 9] قال البيضاويّ: لا يشغلكم تدبيرها، والاهتمام بها.

وقال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: وألهاني: شَغَلني، والصَّفق: البيع، وسُمِّي بذلك؛

لأنهم كانوا يتواجبون البيع بالأيدي، فيُصَفِّق كلّ واحد منهم بيد صاحبه، ومنه

قيل للبيعة: صفقة. انتهى (?).

وقال أبو عمر - رَحِمَهُ اللهُ - في "التمهيد": وفي قوله: "ألهاني الصفق بالأسواق"

دليل على أنَّ طلب الدنيا يمنع من استفادة العلم، وأنه كلما ازداد المرء طلبًا

لها ازداد جهلًا، وقَلّ عمله، والله أعلم، ومن هذا قول أبي هريرة - رضي الله عنه -: "أما

إخواننا المهاجرون، فكان يَشْغَلهم الصفق بالأسواق، وأما إخواننا من

الأنصار، فشَغَلتهم حوائطهم، ولَزِمت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على شِبَعِ بطني"، هذا

وكان القوم عربًا في طبعهم الحفظ، وقلة النسيان، فكيف اليوم؛ وإذا كان

القرآن الميَسَّر للذكر كالإبل المعَقَّلة، مَن تعاهدها أمسكها، فكيف بسائر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015