أيضًا، ساعيًا، وعاملًا على بعض الصدقات، وهذه منزلة رفيعة في الثقة،

والأمانة.

وأجيب بأن هذا كله محمول على أنَّ تقديره: لأفعلنّ بك هذا الوعيد إن

بأن أنك تعمَّدت كذبًا. انتهى (?).

وقوله: ("الِاسْتِئْذَانُ ثَلَاثٌ") مبتدأ وخبره، ووقع في بعض النسخ بلفظ:

"ثلاثًا" بالنصب، فيكون خبرًا بـ "يكون" محذوفًا، وحذف "كان" مع اسمها لا

يختصّ بالماضي، بل يجوز في المضارع أيضًا، كقولهم: ألا طعامَ، ولو تمرٌ؛

أي: ولو يكون عندكم تمرٌ، كما قدّره سيبويه، ذكره الخضريّ في "حاشيته" (?).

وقوله: (فَجَعَلُوا يَضْحَكُونَ) قال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: إنما ضَحِكوا من جَزَع

أبي موسى من تهديد عمر - رضي الله عنه -، مع علمهم بأن ذلك لا يتمُّ منه؛ لأنَّ ما طلبه

من البينة موجودة، ولأن عمر لَمْ يكذِّبه، ولا مقصوده جَلْده، ولا إهانته، بل

التغليظ، والحماية. انتهى (?).

وقال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: سبب ضَحِكهم التعجّب من فزع أبي موسى - رضي الله عنه -،

وذُعْره، وخوفه من العقوبة، مع أنهم قد أَمِنوا أن يناله عقوبة، أو غيرها؛ لقوة

حجته، وسماعهم ما أُنكر عليه من النبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. انتهى (?).

وقوله: (قَدْ أُفْزِعَ) بضمّ الهمزة من الإفزاع رباعيًّا، وهو التخويف، ووقع

في بعض النُّسخ: "وقد فَزَع" ثلاثيًّا، يقال: فَزعَ منه فَزَعًا، فهو فَزعٌ، من باب

تَعِبَ: خاف، وأفزعته، وفزّعته، ففزعَ (?).

وقوله: (فَأَنَا شَرِيكُكَ فِي هَذ الْعُقُوبَةِ) هو كناية عن كونه لا تناله العقوبة

بوجه من الوجوه؛ لكون صادقًا محقًّا فيما قاله، حيث سمعه الأنصار من

النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، حتى صار أصغرهم يشهد له، فكانه يؤكّد له أن لا يناله شيء من

العقوبة، والله تعالى أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015