ثُمَّ اسْتَأْذَنَ الثَّالِثَةَ، فَقَالَ: عُمَرُ: ثَلَاثٌ، ثمَّ انْصَرَفَ، فَأَتْبَعَهُ، فَرَدَّهُ، فَقَالَ: إِنْ كَانَ
هَذَا شَيْئًا حَفِظْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَهَا، وَإِلَّا فَلَاجْعَلَنَّكَ عِظَةً، قَالَ أَبُو سَعِيدٍ:
فَأَتَانَا، فَقَالَ: أَلَمْ تَعْلَمُوأ أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: "الِاسْتِئْذَانُ ثَلَاثٌ (?) "، قَالَ:
فَجَعَلُوا يَضْحَكُونَ - قَالَ - فَقُلْتُ: أَتَاكُمْ أَخُوكُمُ الْمُسْلِمُ، قَدْ أفرِعَ (?) تَضْحَكُونَ،
انْطَلِقْ، فَأَنَا شَرِيكُكَ في هَذِهِ الْعُقُوبَةِ، فَأَتَاهُ، فَقَالَ: هَذَا أَبُو سَعِيدٍ).
رجال هذا الإسناد: خمسة:
1 - (نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ) البصريّ، ثقةٌ ثبتٌ [10] (ت 250) أو
بعدها (ع) أحد مشايخ الجماعة بلا واسطة تقدم في "المقدمة" 5/ 35.
2 - (بِشْرُ بْنُ مُفَضلِ) بن لاحق الرَّقَاشيّ، أبو إسماعيل البصريّ، ثقةٌ ثبتٌ
عابدٌ [8] (ت 6 أو 187) (ع) تقدم في "الإيمان" 10/ 145.
3 - (سَعِيدُ بْنُ يَزِيدَ) بن مَسْلمة الأزديّ، ثمّ الطاحيّ، أبو مسلمة البصريّ
القصير، ثقةٌ [4] (ع) تقدم في "الإيمان" 88/ 466.
4 - (أَبُو نَضْرَةَ) المنذر بن مالك بن قُطَعة الْعَبْديّ الْعَوفيّ البصريّ، ثقةٌ
[3] (ت 8 أو 109) (خت م 4) تقدم في "الإيمان" 6/ 127.
و"أبو سعيد - رضي الله عنه - " ذُكر قبله.
وقوله: (فَقَالَ عُمَرُ: وَاحِدَةٌ ... إلخ) خبر لمحذوف؛ أي: هذه مرّةٌ
واحدة ... إلخ، قال ابن عبد البرّ - رَحِمَهُ اللهُ -: في هذا الحديث من قول عمر:
"واحدة، اثنتان، ثلاث " دليل على أنَّ عمر - رضي الله عنه - كان يعلم أن الاستئذان ثلاث،
وقد رُوي في ذلك أيضًا عن عمر، عن النبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "الاستئذان ثلاث"، فدلّ
ذلك على أنَّ الذي جَهِله عمر من دعوى أبي موسى قوله: "فإن أُذِن لك، وإلا
فارجع" هذا لا غير، والله أعلم. انتهى (?).
وقوله: (فَأَتُبَعَهُ ... إلخ) بقطع الهمزة؛ أي: أرسل وراءه من يردّه إليه،
يقال: أتبعت زيدًا عَمْرًا بالألف: إذا جعلته تابعًا له (?).