والباقيان ذُكرا قبله.
شرح الحديث:
عن بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ أنه (حَدَّثَهُ)؛ أي: حدّث بُكير بن الأشجّ، (أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا
سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ) - رضي الله عنه - (يَقُولُ: كُنَّا فِي مَجْلِسٍ عِنْدَ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ) - رضي الله عنه - (فَأَتَى أَبُو
مُوسَى الأَشْعَرِيُّ) عبد الله بن قيس - رضي الله عنه - حال كونه (مُغْضَبًا، حَتَّى وَقَفَ) على
مجلس الأنصار، (فَقَالَ) أبو موسى (أَنْشُدُكُمُ اللهَ) وفي بعض النسخ: "أنشدكم
بالله"، يقال: نشدتك الله، وبالنه أنشدُك، من باب نصر: ذكرتك به،
واستعطفتك، أو سالتك به مُقسمًا عليك (?). (هَلْ سَمِعَ أَحَدٌ مِنكُمْ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
يَقُولُ: "الِاسْتِئْذَانُ) للدخول، وهو استدعاء الإذن، وهو طلبه، (ثَلَاثٌ)؛ أي:
ثلاث مرّات، (فَإِنْ أُذِنَ لَكَ)؛ أي: في الدخول، وجوابه لَمْ يُذكر في هذه
الرواية، وذُكر في غيره بلفظ: "فادخل"، وقوله: (وَإِلَّا) هي"إن" الشرطيّة،
أُدغمت في "لا" النافية، وفِعْل الشرط محذوف؛ لدلالة ما قبله عليه أي: وإن
لَمْ يؤذن لك (فَارْجِعْ"؟ ) لأنه - عَزَّوَجَلَّ - قال: " {فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ} [النور:
28]. (قَالَ أُبَيٌّ)؛ أي: ابن كعب - رضي الله عنه - (وَمَما ذَاكَ؟ )؛ أي: ما سبب مناشدتك في
هذا الأمر؟ (قَالَ) أبو موسى (اسْتَأْذَنْتُ)؛ أي: طلبت الإذن في الدخول (عَلَى
عُمَرَ بْنِ الْخَطَابِ) - رضي الله عنه - (أَمْسِ) بالبناء على الكسر، قال الفيّوميّ - رَحِمَهُ اللهُ -: أَمْسِ:
اسم عَلَمٌ على اليوم الذي قبل يومك، ويُستعمل فيما قبله مجازًا، وهو مبنيّ
على الكسر، وبنو تميم تُعربه إعراب ما لا ينصرف، فتقول: ذهب أمْسُ بما
فيه، بالرفع، قال الشاعر [من الرجز]:
لَقَدْ رَأَيْتُ عَجَبًا مُذْ أَمْسَا ... عجَائِزًا مِثْلَ السَّعَالِي خَمْسًا (?)
(ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَلَمْ يُؤْذَنْ لِي، فَرَجَعْتُ) هذا يقتضي أن أبا موسى لَمْ يرجع
إلى عمر - رضي الله عنهما - إلَّا في اليوم الثاني، وقد تقدّم ما يقتضي أن عمر أرسل إليه في
الحال، حيث قال لمّا أُخبر برجوعه: "رُدُّوه عليّ"، ويُجمع بينهما بأن عمر - رضي الله عنه -
لَمَّا فرغ من شغله تذكّره، فسأل عنه، فأُخبر بأنه رجع، فأرسل من يردّه إليه،