بالفتح؛ أَي: يعملُ عملَ سَوْءٍ، وإذا عرَّفته وصفتَ به تقول: هذا رجلُ سَوْءٍ
-بالإضافة- وتُدخل عليه الألف واللام فتقول: هذا رجلُ السَّوْءِ. قال الفرزدق
[من الطويل]:
وَكُنْتَ كذِئْبِ السَّوْءِ لَمَّا رَأَى دَماً ... بِصَاحِبِهِ يَوْماً أَحَالَ عَلَى الدَّمِ
بالفتح، والإضافة، لفٌّ ونشرٌ مرتَّب، قال الأَخفش: ولا يقال: الرَّجلُ
السَّوْءُ، ويقال: الحقُّ اليَقينُ، وحقُّ اليقين، جميعاً؛ لأَنَّ السَّوْءَ ليس بالرجل،
واليقينُ هو الحقُّ، قال: ولا يقال: هذا رجلُ السُّوءِ بالضَّمِّ، قال ابن بَرِّيّ:
وقد أَجاز الأَخفشُ أن يُقال: رجلُ السَّوْءِ، ورجلُ سَوْءٍ بفتح السين فيهما، ولم
يُجِز رجلُ السُّوءِ بضم السِّين؛ لأَنَّ السُّوءَ اسمٌ للضُّرِّ، وسُوءِ الحال، وإِنَّما
يُضاف إلى المصدر الذي هو فعله، كما يقال: رجلُ الضَّرب، والطَّعنِ، فيقومُ
مقامَ قولك: رجلٌ ضرَّابٌ، وطعَّانٌ، فلهذا جاز أَن يقال: رَجلُ السَّوْءِ بالفتح،
ولم يَجُزْ أَنَّ يقال: هذا رجلُ السُّوءِ بالضَّمِّ، وتقول في النَّكرة: رجلُ سَوْءٍ،
وإذا عرَّفت قلت: هذا الرجلُ السَّوْءُ، ولم تُضِف، وتقول: هذا عملُ سَوْءٍ، ولا
تقل: السَّوْءِ؛ لأنَّ السَّوْءَ يكون نعتاً للرجل، ولا يكون السَّوْءُ نعتاً للعمل؛ لأنَّ
الفعل من الرجل، وليس الفعل من السَّوْءِ، كما تقول: قوْلُ صدقٍ، والقولُ
الصِّدقُ، ورجلُ صدق، ولا تقول: رجلُ الصِّدق؛ لأنَّ الرجل ليس من
الصِّدقِ. انتهى (?).
وقوله: (وَجَاءَ رَجُلٌ بِعَصاً عَلَى رَأْسِهَا خِرْقَةٌ) لم يُعرف الرجل.
وقوله: (قَالَ قَتَادَةُ: يَعْنِي مَا يُكَثرُ بِهِ النِّسَاءُ أَشْعَارَهُنَّ مِنَ الْخِرَقِ) -بكسر
الخاء المعجمة، وفتح الراء-: جمع خِرْقة -بكسر، ففتح-، مثل سِدْرَةٍ وسِدَرٍ،
وهي القطعة من الثوب، قال في "الفتح": يستفاد من هذه الزيادة في رواية قتادة
مَنْع تكثير شعر الرأس بالْخِرَق، كما لو كانت المرأة مثلاً قد تمزق شعرها،
فتضع عِوَضه خِرَقاً تُوهم أنها شعر. انتهى، والله تعالى أعلم.
{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ
وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ
وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}.