إذا كان للحاجة، كما يُستعمل الآن في البيوت، والحوانيت، والسيّارات
وغيرها من الحوائج الضرورية فلا أرى فيه المنع -إن شاء الله تعالى-.
والحاصل أن استعمال الجرس في الحضر للحاجة جائزٌ؛ لأمور:
(الأول): أن حديث النهي مقيّد بالرفقة في السفر.
(الثاني): أن حديث: "لا تدخل الملائكة بيتًا فيه جرسٌ"، ضعيف، فلا
يصلح للاحتجاج به، كما أسلفته قريبًا.
(الثالث): أن الذين قالوا بالنهي في الحضر، كما تقدّم عن القرطبي
احتجّوا بحديث مسلم: "الجرس مزامير الشيطان"، وقد علمت أن تسميته بهذا
الاسم لا ينافي جواز استعماله للحاجة في الحضر؛ لِمَا ذكرته في قصّة أبي بكر
في العيد، فقد أباح النبيّ -صلى الله عليه وسلم- استعمال الدفّ مع الغناء لأجل العيد؛ لحاجة
الناس إلى الفرح والسرور في ذلك اليوم، مع أن أبا بكر -رضي الله عنه- سمّاه مزامير
الشيطان، ولم يُنكر ذلك عليه، وإنما بيّن له أن حاجة المسلمين اليوم لمثله
يبيحه، هذا ما عندي، والله تعالى أعلم بالصواب.
وبالسند المتّصل إلى المؤلّف -رحمه الله- أوّل الكتاب قال:
[5535] ( ... ) - (وَحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْب، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ (ح) وَحَدَّثَنَا
قتيْبَةُ، حَدَّثنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ- يَعْني: الدَّرَاوَرْدِيَّ- كِلَاهًمَا عَنْ سُهَيْلٍ، بِهَذَا الإِسْنَادِ).
رجال هذا الإسناد: خمسة:
1 - (عَبْدُ الْعَزِيزِ) بن محمد بن عُبيد الدَّرَاوَرْدِيُّ الجهنيّ مولاهم، أبو
محمد المدنيّ، صدوقٌ كان يُحدّث من كتب غيره، فيُخطئ [8] (ت 6 أو 187)
(ع) تقدم في "الإيمان" 8/ 135.
والباقون ذُكروا في الباب الماضي.
وقوله: (كِلَاهُمَا عَنْ سُهَيْلٍ) ضمير التثنية لجرير بن عبد الحميد،
وعبد العزيز الدراورديّ؛ يعني: أنهما رويا هذا الحديث عن سهيل بن أبي
صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-.
[تنبيه]: رواية جرير عن سُهيل ساقها ابن خزيمة -رضي الله عنه- في "صحيحه"،
فقال: