ثم لقي النضر، فسمعه منه، فكان يحدّثه به على الوجهين، وقد حَدّث به قتادة،

عن النضر، من غير طريق سعيد، أخرجها الإسماعيليّ، من رواية هشام

الدستوائيّ، عن قتادة.

(فَجَعَلَ)؛ أي: شرع ابن عبّاس -رضي الله عنهما- (يُفْتي)؛ أي: يذكر للناس الأحكام،

ويُبيّنها لهم، (وَلَا يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-) وفي رواية البخاريّ: "قال: كنت

عند ابن عبّاس، وهم يسألونه، ولا يذكر النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، حتّى سُئل"، وقوله: "وهم

يسالونه، ولا يذكر النبيّ -صلى الله عليه وسلم- "؛ أي: يُجيبهم عما يسألونه بالفتوى، من غير أن

يذكر الدليل من السُّنَّة، وقد وقع بيان ذلك عند الإسماعيليّ، من رواية ابن أبي

عديّ، عن سعيد، ولفظه: "فجعلوا يستفتونه، ويُفتيهم، ولم يذكر فيما يفتيهم

النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- "، قاله في "الفتح".

(حَتَى سَأَلَهُ رَجُل) لم يُعرَف اسمه، وفي رواية ابن أبي عديّ عن سعيد:

"حتى أتاه رجل من أهل العراق، أُراه نجّارًا"، (فَقَالَ: إِنِّي رَجُلٌ أُصَوِّرُ هَذِهِ

الصُّوَرَ)، وفي رواية النسائيّ: "فَقَالَ: إِنِّي أُصَوِّرُ هَذِهِ التَّصَاوِيرَ، فَمَا تَقُولُ

فِيهَا؟ "، وفي رواية: "فقال: إني أُصَوِّر هذه التصاوير، فما تأمرني؟ "، وفي

رواية البخاريّ: "قال: كنت عند ابن عباس، إذ أتاه رجل، فقال: يا أبا

عباس، إني إنسان، إنما معيشتي من صنعة يدي"، (فَقَالَ لَىُ ابْنُ عَبَّاس) -رضي الله عنهما-

(ادْنُهْ)، وفي رواية النسائيّ: "ادنه ادنه"، وهو أمر بالدّنُوّ، من دنا يدنو دُنُوًّا من

باب قعد، وإنما أمَره بالدنوّ؛ ليكون أوقع في زجره، والتكرار للتأكيد، والهاء

للسكت، وهي ساكنة، قال في "الخلاصة":

وَقِفْ بِهَا السَّكْتِ عَلَى الْفِعْلِ الْمُعَلْ ... بِحَذْفِ آخِرٍ كـ "أَعْطِ مَنْ سَأَلْ"

وَلَيْسَ حَتْماً فِي سِوَى مَا كَـ "ع" أَوْ ... كَـ "يَع" مَجْزُومًا فَرَاعِ مَا رَعَوْا

وقال القرطبيّ رَحِمَهُ اللهُ: وقول ابن عباس -رضي الله عنهما- لمستفتيه عن الصور: "ادن

مني، ثلاثًا، ووضْعه يده على رأسه؛ مبالغة في استحضار ذهنه، وفَهْمه، وفي

تسميعه، وتعظيمه لأمْر ما يلقيه إليه. انتهى (?).

(فَدَنَا الرَّجُلُ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ) -رضي الله عنهما- (سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-) وفي رواية

طور بواسطة نورين ميديا © 2015