سَمِعْتَ مِنْ قَارِ لَهُ وَالْمُسْمَعُ ... يَحْفَظُهُ أَوْ ثِقَةٌ مُسْتَمِعُ
أَوْ أَمْسَكَ الْمُسْمَعُ أَصْلًا أَوْ جَرَى ... عَلَى الصَّحِيح ثِقَةٌ أَوْ مَنْ قَرَا
وَالأَكْثَرُونَ حَكَوُا الإِجْمَاعَا ... أَخْذًا بِهَا وَأَلغَوُا النِّزَاعَا
وَكَوْنُهَا أَرْجَحَ مِمَّا قَبْلُ أَوْ ... سَاوَتْهُ أَوْ تَأخَّرَتْ خُلْفٌ حَكَوْا
وَفِي الأَدَا قِيلَ قَرَأْتُ أَوْ قُرِي ... ثُمَّ الَّذِي فِي أَوَّلٍ إِنْ تَذْكُرِ
مُقَيَّدًا قِرَاءَةً لَا مُطْلَقَا ... وَلَا سَمِعْتُ أَبَدًا فِي الْمُنْتَقَى
وَالْمُرْتَضَى الثَّالِثُ فِي الإِخْبَارِ ... يُطْلَقُ لَا التَّحْدِيثُ فِي الأَعْصَارِ
وراجع شرحي "إسعاف ذوي الوطر" على هذه الأبيات، تزدد علمًا، والله
تعالى وليّ التوفيق.
شرح الحديث:
(عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ) يسار البصريّ أنه (قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ) لا
يُعرف (?). (إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ) -رضي الله عنهما- (فَقَالَ: إِنِّي رَجُلٌ أُصَوِّرُ هَذِهِ الصُّوَرَ)، وفي
رواية البخاريّ: "كنت عند ابن عبّاس -رضي الله عنهما-، إذ أتاه رجلٌ، فقال: يا أبا عبّاس
إني إنسان إنما معيشتي من صنعة يدي، وإني أصنع هذه التصاوير"، (فَأَفْتِنِي
فِيهَا)؛ أي: بيّن لي حكم الشرع في هذه الصور، (فَقَالَ) ابن عبّاس (لَهُ)؛ أي:
لهذا الرجل المستفتي، (أدْنُ مِنِّي) بضمّ النون أمر بالدنوّ، وإنما أمَره به ليسمع
فتواه، ويحفظه، ويعيه، (فَدَنَا مِنْهُ)؛ أي: قَرُب الرجل من ابن عبّاس كما أمره
به، (ثُمَّ قَالَ) ابن عبّاس: (ادْنُ مِنِّي)؛ أي: زد قربًا على قربك حتى يتمّ
سما عك، ووعيك.
وقال القوطبيّ رَحِمَهُ اللهُ: قول ابن عباس لمستفتيه عن الصور: "ادن مني"
ثلاثا، ووضْعه يده على رأسه؛ مبالغة في استحضار ذهنه، وفهمه، وفي
تسميعه، وتعظيمه لأمرِ ما يُلقيه إليه. انتهى (?).
(فَدَنَا)؛ أي: زاد قربًا، (حَنَّى وَضَعَ) ابن عبّاس -رضي الله عنه-ما (يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ)؛
أي: على رأس ذلك الرجل حتى يكون أقرب من أذنه. (قَالَ) ابن عبّاس: