الأولى: أن يأتي بالصيغة؛ كقوله: افعلوا، أو لا تفعلوا.
الثانيه: قوله: أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بكذا، ونهانا عن كذا، وهو كالمرتبة
الأُولى في العمل به، أمراً ونهياً، وإنما نزل عنها؛ لاحتمال أن يكون ظنّ ما
ليس بأمير أمرأ، إلا أن هذا الاحتمال مرجوح، للعلم بعدالته، ومعرفته
بمدلولات الألفاظ لغة.
الثالثة: قوله: أُمرنا، ونُهينا على البناء للمجهول، وهي كالثانية، وإنما
نزلت عنها؛ لاحتمال أن يكون الآمر غير النبيّ - صلى الله عليه وسلم -. انتهى (?).
(أَمَرَنَا) بدل تفصيل من قوله: "أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "، بدلُ فِعْلٍ من فِعْلٍ،
كما قال في "الخلاصة":
وُيُبْدَلُ الْفِعْلُ مِنَ الْفِعْلِ كَمَنْ ... يَصِلْ إِلَيْنَا يَسْتَعِنْ بِنَايُعَنْ
(بِعِيَادَةِ الْمَرِيضِ) متعلّق بـ "أمرنا"، وهو بكسر العين المهملة، وتخفيف
التحتانيّة مصدر عاده، يقال: عُدتُ المريضَ عِيَادةً: زُرتُهُ، فالرجل عائد،
وجمعه عُوِّاد، والمرأة عائدةٌ، وجمعها عُوَّد بغير ألف، قال الأزهريّ: هكذا
كلام العرب، قاله في "المصباح"، وقد أشار ابن مالك - رحمه الله - إلى أن فُعّالاً
بالألف للمذكّر فقط، دون الفُعَّل بلا ألف، فإنه للمذكَّر والمؤنث، حيث قال
في "خلاصته":
وَفُعَّلٌ لِفَاعِلٍ وَفَاعِلَهْ ... وَصْفَيْنِ نَحْوُ عَاذِلٍ وَعَاذِلَهْ
وِمِثْلُهُ الْفُعَّالُ فِيمَا ذُكَّرَا ... وَذَانِ فِي الْمُعَلَّ لَاماً نَدَرَا
(وَاتَّبُاعِ الْجَنَازَةِ) قال ابن دقيق العيد - رحمه الله -: "اتباع الجنائز يَحْتَمِل أن يراد
به اتّباعها للصلاة، فإن عبّر به عن الصلاة، فذلك فَرْضٌ من فروض الكفاية عند
الجمهور، ويكون التعبير بالاتّباع عن الصلاة من باب مجاز الملازمة في
الغالب؛ لأنه ليس من الغالب أن يصلى على الميت، ويدفن في محلّ موته.
ويَحْتَمِل أن يراد بالاتّباع: الرواح إلى محلّ الدفن لمواراته، والمواراة
أيضاً من فروض الكفايات، لا تسقط إلا بمن تتأدى به". انتهى (?).