فِي آنِيَةِ الْفِضةِ)، وفي الرواية الآتية من طريق عثمان بن مُرّة، عن عبد الله بن

عبد الرحمن: "من شَرِب من إناء ذهب، أو فضة"، وفي رواية عليّ بن مُسْهِر،

عن عبيد الله بن عمر الْعُمَريّ، عن نافع: "أن الذي يأكل ويشرب في آنية

الذهب والفضة"، وأشار مسلم إلى تفرّد عليّ بن مسهر بهذه اللفظة، أعني

الأكل. (إِنَّمَا يُجَرْجِرُ) - بضم التحتانية، وفتح الجيم، وسكون الراء، ثم جيم

مكسورة، ثم راء - من الجرجرة، وهو صوت يُرَدِّده البعير في حنجرته إذا هاج،

نحو صوت اللجام في فَكّ الفرس.

قال النوويّ: اتفقوا على كسر الجيم الثانية من يجرجر، وتُعُقّب بأن

الموفق بن حمزة في كلامه على "المهذب" حَكَى فتحها، وحَكَى ابن الفركاح

عن والده أنه قال: رُوي يُجَرْجَر على البناء للفاعل والمفعول، وكذا جوّزه ابن

مالك في "شواهد التوضيح"، نعم رَدّ ذلك ابن أبي الفتح تلميذه، فقال في جزء

جَمَعه في الكلام على هذا المتن: لقد كَثُر بحثي على أن أرى أحداً رواه مبنياً

للمفعول فلم أجده عند أحد من حفاظ الحديث، وإنما سمعناه من الفقهاء

الذين ليست لهم عناية بالرواية، وسألت أبا الحسين اليونينيّ، فقال: ما قرأته

على والدي، ولا على شيخنا المنذريّ إلا مبنيّا للفاعل، قال: ويبعد اتفاق

الحفاظ قديماً وحديثاً على ترك رواية ثابتة، قال: وأيضاً فإسناده إلى الفاعل هو

الأصل، وإسناده إلى المفعول فرع، فلا يصار إليه بغير حاجة، وأيضاً فإن

علماء العربية قالوا: يُحذف الفاعل إما للعلم به، أو للجهل به، أو إذا تُخُوِّف

منه، أو عليه، أو لِشَرَفه، أو لحقارته، أو لإقامة وزن، وليس هنا شيء من

ذلك. انتهى (?).

قال الجامع عفا الله عنه: الاحتجاج الأخير ليس بشيء؛ لأنه يَحْتَمل أن

يكون حذفه للعلم به، وإنما الحجة إن صحّ اتفاق الحفّاظ على تركه، فتأمّل

بالإمعان، والله تعالى أعلم.

(فِي بَطْنِهِ نَارَ جَهَنَّمَ") وقع للأكثر بنصب "نار" على أن الجرجرة بمعني

الصبّ، أو التجرّع، فيكون "نار" نُصب على المفعولية، والفاعل الشارب؛

طور بواسطة نورين ميديا © 2015