شرح الحديث:
(عَنْ أَبِي حَازِمٍ الأَشْجَعِيِّ) وقع عند البخاريّ في "التفسير" مسلسلاً
بالتحديث، ولفظه: "حدّثنا يعقوب بن إبراهيم بن كثير، حدّثنا أبو أُسامة، حدّثنا
فُضيل بن غزوان، حدّثنا أبو حازم الأشجعيّ". (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) - رضي الله عنه - أنه (قَالَ:
جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) قال في "الفتح": هذا الرجل هو أبو هريرة - رضي الله عنه -،
وقع مفسَّرًا في رواية الطبرانيّ، وقد نَسَبْتُه في "المناقب" إلى تخريج أبي
البختريّ الطائيّ في صفة النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وأبو البختريّ لا يوثق به. انتهى (?).
(فَقَالَ) ذلك الرجل (إِنِّي مَجْهُودٌ) أي: أصابني الجهد، وهو المشقّة،
والحاجة، وسوء العيش، والجوع (?)، يقال: جهده الأمرُ والمرضق جَهْدًا: إذا
بلغ منه المشقّة، ومنه: جَهْدُ البلاء (?).
وفي رواية البخاريّ: "فقال: يا رسول الله أصابني الْجَهْدُ". (فَأَرْسَلَ) - صلى الله عليه وسلم -
(إِلَى بَعْضِ نِسَائِهِ) لم يُعرف اسمها؛ أي: أرسل - صلى الله عليه وسلم - إليها يطلب منها ما يُضيفه
به، (فَقَالَتْ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا عِنْدِي إِلَّا مَاءٌ)؛ أي: ليس عندي طعام
يأكله الضيف، وإنما عندي ماء، وهو لا يُغني عن الطعام.
وقال في "الفتح": وفيه ما يُشعر بأن ذلك كان في أول الحال قبل أن
يفتح الله لهم خيبر وغيرها. انتهى (?).
وقال القرطبيّ -رحمه الله-: قول أزواج النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "ليس عندنا إلا ماء" يدلّ
على شدة حالهم، وضيق عيشهم، وكان هذا - والله أعلم- في أول الأمر،
وأما بعد ذلك لمّا فُتحت خيبر، فقد كان النبيّ - صلى الله عليه وسلم - يحبس لأهله قُوْتَ سَنَتهم،
وَيحْتَمِل أن يكون بعد ذلك، وأن أزواج النبيّ - صلى الله عليه وسلم - كنَّ يتصدَّقن بما كان
عندهن، وُيؤْثِرْن غيرهنّ بذلك، ويبقين على ما يفتح الله تعالى، ولا يطلبن من
النبيّ - صلى الله عليه وسلم -؛ لسقوط ذلك عنه بالذي دفع لهنَّ. انتهى (?).