وينبني على هذا الخلاف الخلافُ فيمن حلف ألا يأكل إدامًا، فأكل شيئًا
من هذه الجامدات، فحنّثه الجمهور، ولم يحنّثه أبو حنيفة، ولا صاحبه،
والصحيح ما صار إليه الجمهور بدليل قوله -صلى الله عليه وسلم-، وقد وضع تمرةً على كسرة،
وقال: "هذه إدام هذه"، رواه أبو داود، وبدليل قوله -صلى الله عليه وسلم- أيضًا، وقد سئل عن
إدام أهل الجنّةِ الجنّةَ أوّل ما يدخلونها، فقال: "زيادة كبد الحوت"، رواه
البخاريّ. انتهى كلام القرطبيّ رحمه الله، وهو تحقيق نفيسٌ جدًّا. والله تعالى
أعلم.
وبالسند المتّصل إلى المؤلّف رحمه الله أوّل الكتاب قال
[5342]- (حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الذَوْرَقِىُّ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ
- يَعْنِي: ابْنَ عُلَيَّةَ- عَنِ الْمُثَنَّى بْنِ سَعِيدٍ، حَدَّثَنِي طَلْحَةُ بْنُ نَافِعٍ، أَنَّهُ سَمِعَ
جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يَقُولُ: أَخَذَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- بِيَدِي ذَاتَ يَوْمٍ إِلَى مَنْزِلِهِ، فَأَخْرَجَ
إِلَيْهِ فِلَقًا مِنْ خُبْزٍ، فَقَالَ: "مَا مِنْ أُدُم؟ "، فَقَالُوا: لَا، إِلَّا شَئٌ مِنْ خَلٍّ، قَالَ:
"فَإنَّ الْخَلَّ نِعْمَ الأدُمُ"، قَالَ جَابِرٌ: فَمَا زِلْتُ أُحِبُّ الْخَلَّ مُنْذُ سَمِعْتُهَا مِنْ
نَبِيِّ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، وَقَالَ طَلْحَةُ: مَا زِلْتُ أُحِبُّ الْخَلَّ مُنْذُ سَمِعْتُهَا مِنْ جَابِرٍ).
رجال هذا الإسناد: خمسة:
1 - (يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِىُّ) العَبْديّ مولاهم، أبو يوسف
البغداديّ، ثقةٌ حافظٌ [10] (ت 252) وله (96) سنةً (ع) تقدم في "الإيمان"
2 - (إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ) هو: إسماعيل بن إبراهيم بن مِقْسم الأسديّ
مولاهم، أبو بشر البصريّ، ثقةٌ حافظٌ [8] (ت 193) وهو ابن (83) سنةً (ع)
تقدم في "المقدمة" 2/ 3.
3 - (الْمُثَنَّى بْنُ سَعِيدٍ) الضُّبَعيّ، أبو سعيد البصريّ القسّام القصير، ثقةٌ
[6] (ع) تقدم في "المساجد ومواضع الصلاة" 57/ 1569.
والباقيان ذُكرا قبله.
وقوله: (أَخَذَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- بِيَدِي ذَاتَ يَوْمٍ إِلَى مَنْزِلِهِ) وفي الرواية