وقال أيضًا: الْخَلُّ: معروفٌ، والجمع خُلُولٌ، مثل فَلْس وفُلُوس، سُمّي

بذلك؛ لأنه اختَلَّ منه طَعْمُ الْحَلاوة، يقال: اختلّ الشيءُ: إذا تغيّر،

واضطرب. قال: وخَلَّلتُ النبيذَ تخليلًا: جعلته خلًّا، وقد يُستعمل لازمًا أيضًا،

فيقال: خَلَّلَ النبيذُ: إذا صار بنفسه خلًّا. انتهى كلام الفيّوميّ رحمه الله بتصرّف (?).

وقال ابن منظور رحمه الله في "اللسان": قال ابن سِيدَهْ: الخلّ: ما حَمُضَ من

عصير العنب وغيره. قال ابن دُريد: هو عربيّ صحيح. قال: وخَلَّلَتِ الخمرُ

وغيرها من الأشربة: فسدت، وحَمُضَت. وخلَّلَ الخمرَ: جعلها خلًّا. انتهى

باختصار (2).

وقال المجد رحمه الله في "القاموس": الخلّ: ما حَمُضَ من عَصِير العنب

وغيره، عربيّ صحيح، والطائفة منه خَلَّةٌ، وأجوده خلّ الخمرِ، مركّبٌ من

جوهرين: حارٍّ وبارٍ، نافعٌ للمعدة، واللِّثَةِ، والقُرُح الخبيثة، والْحِكَّةِ، ونَهْشِ

الْهَوامّ، وأكل الأَفْيُون، وحرقِ النار، وأوجاعِ الأسنان، وبُخَارُ حَارِّهِ

للاستسقاء، وعُسْرِ السمعِ، والدَّوِيِّ، والطَّنِين. انتهى (?).

وقال الخطابيّ، والقاضي عياض: معنى الحديث مدح الاقتصار في

الماكل، ومنع النفس عن ملاذّ الأطعمة؛ كأنه يقول: ائتدموا بالخلّ، وما كان

في معناه، مما تَخِفّ مؤنته، ولا يَعِزّ وجوده، ولا تتأنقوا في الشهوات، فوإنها

مفسدة للدِّين، مَسْقَمة للبدن.

وذكر النوويّ كلام الخطابيّ هذا، ثم قال: والصواب الذي ينبغي أن

يُجزم به أنه مدحٌ للخل نفسه، وأما الاقتصار في المطعم، وترك الشهوات،

فمعلوم من قواعد أُخَر. انتهى (?).

قال الجامع عفا الله عنه: عندي أن ما قاله الخطابي وغيره هو الأقرب

إلى معنى الحديث، وهو أنه مدحٌ للاقتصار في الماكل، ومنعُ النفس عن ملاذّ

الأطعمة، قال ابن القيم رحمه الله: هذا ثناء عليه بحسب الوقت، لا لتفضيله على

غيره؛ لأن سببه أن أهله قَدّموا له خبزًا، فقال: "ما من أدم؟ " قالوا: ما عندنا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015