الإسلام، وكان يَمُرّ بهم الشهر والشهران ما توقد في بيت أحدهم نار، وذلك
محفوظ معناه من حديث عائشة وغيرها.
3 - (ومنها): قبول مواساة الصَّدِيق، وأكْل طعامه، وأن ذلك ليس
بصدقة، وإنما كان صلة وهدية، ولو كان صدقة ما أكله رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
4 - (ومنها): أن الرجل إذا دُعِيَ إلى طعام جاز لجلسائه أن يأتوا معه إذا
دعاهم الرجل، وإن لم يدعهم صاحب الطعام، قال ابن البرّ رحمه الله: وذلك
عندي محمول على أنهم عَلِموا أن صاحب الطعام تطيب لهم نفسه بذلك،
ووجه آخر أن يكون الطعام يكفيهم، وقد قال مالك: لا ينبغي لمن دُعي إلى
طعام أن يحمل مع نفسه غيره؛ إذ لا يدري هل يُسَرّ بذلك صاحب الطعام أم
لا؟ قال مالك: إلا أن يقال له: ادع من لقيت.
5 - (ومنها): بيان فضل فطنة أم سليم - رضي الله عنها - لحسن جوابها زوجها حين
شَكَى إليها كثرة من حَلّ به مع قلة طعامه، فقالت له: الله ورسوله أعلم؛ أي:
لم يأت بهم إلا وسيطعمهم.
6 - (ومنها): استحباب الخروج إلى الطريق لاستقبال من أتى إلى بيته؛
لأنه من البِرّ، فإن أبا طلحة - رضي الله عنه - استقبل النبيّ - صلى الله عليه وسلم - حين جاء إليه.
7 - (ومنها): أن صاحب الدار لا يُستأذن في داره، وأن من دخل معه
يَستغني عن الاستئذان.
8 - (ومنها): أن الصَّدِيق الملاطف يأمر في دار صديقه بما يحب،
ويظهر إدلاله في الأمر والنهي والتحكم في ذلك؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - اشترط عليهم أن
يُفَتّ الخبز، وهو فعل يرضاه أهل الكرم من الضيف، ولقد أحسن القائل:
يَسْتَأْنِسُ الضَّيْفُ فِي أَبْيَاتِنَا أَبَدًا ... فَلَيْسَ يَعْرِفُ خَلْقٌ أَيُّنَا الضَّيْفُ
9 - (ومنها): أن الإنسان لا يُدخَل عليه بيته إلا معه، أو بإذنه، ألا ترى
إلى قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ايذن لعشرة"، وقد استحب أهل العلم أن لا يكون على الخُوّان الذي عليه الطعام أكثر من عشرة.
10 - (ومنها): أن الثريد أعظم بركةً من غيره من الطعام، ولذلك أَمَرهم
به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والله أعلم.
11 - (ومنها): أن لصاحب الطعام أن يُقَدِّم إلى طعامه ممن حضره من