وقيل: النوم مع الأمن والعافية.
وقال سفيان بن عيينة: إن ما سدَّ الجوع وسَتَر العورة من خشن الطعام
واللباس، لا يُسأل عنه المرء يوم القيامة، وإنما يُسأل عن النعيم.
قال: والدليل عليه أن الله تعالى أسكن آدم الجنة، فقال له: {إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى (118) وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى (119)} [طه: 118 - 119].
فكانت هذه الأشياء الأربعة- ما يسد به الجوع، وما يدفع به العطش،
وما يستكن فيه من الحرّ، ويستر به عورته- لآدم عليه السلام بالإطلاق، لا حساب
عليه فيها؛ لأنه لا بدّله منها.
قال: ونحو هذا ذكره القشيريّ أبو نصر، قال: إن مما لا يسأل عنه
العبد: لباسًا يواري سوأته، وطعامًا يقيم صُلبه، ومكانًا يكنّه من الحرّ والبرد.
قال القرطبيّ: وهذا منتزَع من قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ليس لابن آدم حقّ في سوى
هذه الخصال: بيت يسكنه، وثوب يواري عورته، وجِلْف الخبز والماء" (?)،
خرجه الترمذيّ.
وقال النضر بن شميل: جِلْف الخبز: ليس معه إدام.
وقال محمد بن كعب: النعيم: هو ما أنعم الله علينا بمحمد - صلى الله عليه وسلم -، وفي
التنزيل: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ} [آل عمران: 164].
وقال الحسن أيضًا والمفضل: هو تخفيف الشرائع، وتيسير القرآن،
قال الله تعالى: "وَمَا جَعَلَ طًيهو في ًالذِينِ {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78]، وقال تعالى:
{وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (17)} [القمر: 17].
قال القرطبيّ: وكل هذه نِعَم، فيُسأل العبد عنها: هل شَكَر ذلك أم كَفَر؟
والأقوال المتقدمة أظهر، والله أعلم. انتهى كلام القرطبيّ رحمه الله (?).
قال الجامع عفا الله عنه: عندي أن أرجح الأقوال هو القول بعموم
المسألة عن النِّعم كلّها، جليلها وحقيرها؛ لظاهر الآية، وظاهر حديث الباب،