لكم: هل أدّيتم شكرها أم لا؟ . انتهى (?).
وقال القرطبيّ رحمه الله: وقول النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: ("لتُسألُنَّ عن نعيم هذا اليوم"؛ أي:
سؤال عَرْض، لا سؤال مناقشة، وسؤال إظهار التفضل والمنن، لا سؤالًا
يقتضي المعاتبة، والْمِحَن، و"النعيم": كل ما يُتنعم به؛ أي: يُستطاب، ويُتلذذ
به، وإنما قال النبيّ - صلى الله عليه وسلم - هذا استخراجًا للشكر على النعم، وتعظيمًا لذلك، والله
تعالى أعلم. انتهى (?).
وقال النوويّ رحمه الله: وأما السؤال عن هذا النعيم، فقال القاضي عياض:
المراد السؤال عن القيام بحقّ شكره، والذي نعتقده أن السؤال هنا سؤال تعداد
النعم، وإعلام بالامتنان بها، وإظهار الكرامة بإسباغها، لا سؤال توبيخ،
وتقريع، ومحاسبة، والله أعلم. انتهى (?).
[تنبيه]: أخرج الترمذيّ رحمه الله هذا الحديث مطوّلًا، فقال:
(2369) - حدّثنا محمد بن إسماعيل، حدّثنا آدم بن أبي إياس، حدّثنا
شيبان أبو معاوية، حدّثنا عبد الملك بن عُمير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة،
قال: خرج النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في ساعة لا يَخرُج فيها، ولا يلقاه فيها أحدٌ، فأتاه أبو
بكر، فقال: "ما جاء بك يا أبا بكر؟ " فقال: خرجت ألقى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -،
وانظر في وجهه، والتسليم عليه، فلم يلبث أن جاء عمر، فقال: "ما جاء بك
يا عمر؟ " قال: الجوع يا رسول الله، قال: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "وأنا قد
وجدت بعض ذلك"، فانطلقوا إلى منزل أبي الهيثم بن التَّيِّهان الأنصاريّ، وكان
رجلًا كثير النخل والشاء، ولم يكن له خَدَمٌ، فلم يجدوه، فقالوا لامرأته: أين
صاحبك؟ فقالت: انطلقَ يستعذب لنا الماء، فلم يلبثوا أن جاء أبو الهيثم بقربة
يزعبها (?)، فوضعها، ثم جاء يلتزم النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ويُفَدِّيه بأبيه وأمه، ثم انطلق بهم