الشمال، وجمعها أَشمُلٌ وشَمائل أيضًا، قاله الفيّوميّ (?).

وقال القرطبيّ رحمهُ اللهُ في شرح قوله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا أكل أحدكم فليأكل بيمينه،

وإذا شرب فليشرب بها" ما نصّه: هذا الأمر على جهة الندب؛ لأنَّه من باب

تشريف اليمين على الشمال، وذلك لأنها أقوى في الغالب، وأسبق للأعمال،

وأمكن في الأشغال.

قال الجامع عفا الله عنه: قوله: على جهة الندب، فيه نظرٌ؛ لأنه على

جهة الوجوب، كما سيأتي تحقيقه -إن شاء الله تعالى-.

قال: ثم هي مشتقة من اليُمن، وهو البركة، وقد شرّف الله تعالى أهل

الجنة بأن نَسَبهم إليها، كما ذمَّ أهل النار حين نسبهم إلى الشمال، فقال:

{وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ (27)} [الواقعة: 27]، وقال: {وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ

الْيَمِينِ (90) فَسَلَامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (91)} [الواقعة: 90، 91]، وقال عكس هذا

في أصحاب الشمال، وعلى الجملة: فاليمين وما نُسب إليها، وما اشتُقّ عنها

محمود لسانًا، وشرعًا، ودنيًا، وآخرة، والشمال على النقيض من ذلك.

قال: وإذا كان هذا، فمن الآداب المناسبة لمكارم الأخلاق، والسيرة

الحسنة عند الفضلاء اختصاص اليمين بالأعمال الشريفة، والأحوال النظيفة،

وإن احتيج في شيء منها إلى الاستعانة بالشمال فبحكم التبعية، وأما إزالة

الأقذار، والأمور الخسيسة فبالشمال؛ لِمَا يناسبها من الحقارة، والاسترذال.

انتهى (?).

(فَإِنَّ الشَّيْطَانَ) الفاء للتعليل؛ أي: إنما نهيتكم عن الأكل بالشِّمال لئلا

تتشبّهوا بالشيطان؛ لأنه (يَأْكُلُ بِالشِّمَالِ") قال القرطبيّ رحمهُ اللهُ: ظاهره أن من أكل

بشماله تشئه بالشيطان في ذلك الفعل؛ إذ الشيطان بشماله يأكل، وبها يشرب،

ولقد أبعد، وتعسَّف من أعاد الضمير في "شماله" على الآكل. انتهى (?)، والله

تعالى أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015