القرطبيّ رحمهُ اللهُ: الجارية في النساء كالغلام في الذكور، وهو ما دون البلوغ (?).
(كأَنَّهَا تُدْفَعُ) بالبناء للمفعول؛ أي: يدفعها دافع؛ يعني: أنها جاءت مسرعة،
كما قال في الرواية الأخرى: "كأنما تُطرد"، وكذلك فعل الأعرابيّ، وكل ذلك
إزعاج من الشيطان لهما؛ ليسبقا إلى الطعام قبل النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وقبل التسمية،
فيصل إلى غرضه من الطعام، ولمّا اطَّلع النبيّ -صلى الله عليه وسلم- على ذلك أخذ بيديهما،
ويدي الشيطان منعًا لهم من ذلك، قاله القرطبيّ (?).
(فَذَهَبَتْ لِتَضَعَ يَدَهَا فِي الطَّعَامِ، فَأَخَذَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- بِيَدِهَا)؛ أي:
الجارية، (ثُمَّ جَاءَ أَعْرَابِيٌّ) لا يُعرف اسمه، كما قال. صاحب "التنبيه" (?).
(كَأَنَّمَا يُدْفَعُ)؛ أي: من شدّة سرعته فكأن دافعًا من ورائه يدفعه، وهو
الشيطان، (فَأَخَذَ) النبيّ -صلى الله عليه وسلم- (بِيَدِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ الشَّيْطَانَ يَسْتَحِلُّ
الطَّعَامَ) قال النوويّ رحمهُ اللهُ: معنى "يَستَحِلّ": يتمكن من أكله، ومعناه: أته يتمكن
من أكل الطعام إذا شرع فيه إنسان بغير ذكر الله تعالى، وأما إذا لم يشرع فيه
أحد فلا يتمكن، وإن كان جماعة، فذكر اسم الله بعضهم دون بعض لم يتمكن
منه. انتهى (?).
قال التوربشتيّ: قوله: معنى "يستحلّ الطعام": يجد سبيلًا إلى تطيير بركة
الطعام بترك التسمية عليه في أول ما يتناوله المتناولون، وذلك حظّه من ذلك
الطعام، ومعنى استحلال الطعام: هو أن تسمية الله تعالى تمنعه عن الطعام،
كما أن التحريم يمنع المؤمن عن تناول ما حُرّم عليه، والاستحلال: استنزال
الشيء المحرّم محلّ الحلال، وهو في الأصل مستعار من حلّ العقدة.
قال الطيبيّ: كأنه أراد أن ترك التسمية في الطعام إذن للشيطان من الله
تعالى في تناوله، كما أن التسمية مَنْع له منه، فيكون استعارةً تبعيّةً. انتهى (?).
(أنْ لَا يُذْكَرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ) ببناء الفعل للمفعول، و"أن" مصدريّة، واللام