خالط الفرث والدم، ثم استحال، فخرج خالصًا طاهرًا، وكذلك المنيّ ينقصر

من الدم، فيكون على غير صفة الدم، فلا يكون نجسًا.

قال الجامع عفا الله عنه: عندي أنه لا بُعد في الاستدلال المذكور، فتأمله

بالإمعان، والله تعالى أعلم.

والآية التي أوردها البخاريّ - رَحِمَهُ اللهُ - صريحة في إحلال شرب لبن الأنعام

بجميع أنواعه؛ لوقوع الامتنان به، فيعمّ جميع ألبان الأنعام في حال حياتها.

و"الفَرْثُ" - بفتح الفاء، وسكون الراء، بعدها مثلثة - هو: ما يجتمع في

الكرش، وقال القزاز: هو ما أُلقي من الكرش، تقول: فرثت الشيءَ: إذا

أخرجته من وعائه، فشربته، فأما بعد خروجه، فإنما يقال له: سِرْجين، وزِبْل.

وأخرج القزّاز عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن الدابة إذا أكلت العَلَف، واستقر في

كرشها طبخته، فكان أسفله فرثًا، وأوسطه لبنًا، وأعلاه دمًا، والكبد مسلطة

عليه، فتقسم الدم، وتجريه في العروق، وتُجري اللبن في الضرع، ويبقى

الفرث في الكرش وحده.

وقوله تعالى: {لَبَنًا خَالِصًا}؛ أي؛ من حمرة الدم، وقذارة الفرث،

وقوله: {سَائِغًا} أي: لذيذًا، هنيئًا، لا يُغَصّ به شاربه. انتهى (?).

وبالسند المتّصل إلى المؤلّف - رَحِمَهُ اللهَ - أوّل الكتاب قال:

[5227] (2009) - (حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا

شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ، قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ: لَمَّا خَرَجْنَا مَعَ

النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ مَرَرْنَا بِرَاعٍ (?)، وَقَدْ عَطِشَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ:

فَحَلَبْتُ لَهُ كُثْبَةً مِنْ لَبَنٍ، فَأَتَيْتُهُ بِهَا، فَشَرِبَ، حَتَّى رَضِيتُ).

رجال هذا الإسناد: خمسة:

1 - (أَبُو إِسْحَاقَ) عمرو بن عبد الله الْهَمْدانيّ السَّبيعيّ الكوفيّ، ثقةٌ عابدٌ،

يُدلّس، واختلط بآخره [3] (129) أو قبل ذلك (ع) تقدم في "المقدمة" 3/ 11.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015