شرح الحديث:
(عَنْ أَبِيِ مُوسَى) الأشعريّ - رضي الله عنه - أنه (قَالَ: بَعَثَنِي)؛ أي: أرسلني (النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَنَا وَمُعَاذَ بْنَ جَبَلِ) بن عمرو بن أوس الأنصاريّ الخزرجيّ، الصحابيّ الشهير
المتوفّى سنة ثمان عشرة بالشام، تقدّمت ترجمته في "الإيمان" 7/ 135. (إِلَى
الْيَمَنِ) البلد المعروف، قال في "الفتح": كان بَعْثُ أبي موسى - رضي الله عنه - إلى اليمن
بعد الرجوع من غزوة تبوك؛ لأنه شهد تبوك مع النبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وقال في الكلام
على بعث معاذ - رضي الله عنه -: وروى أحمد من طريق عاصم بن حميد، عن معاذ: "لمّا
بعثه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى اليمن خرج يوصيه، ومعاذ راكب ... " الحديث، ومن
طريق يزيد بن قطيب، عن معاذ: "لمّا بعثني النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لى إلى اليمن قال: قد بعثتك
إلى قوم رقيقة قلوبهم، فقاتِل بمن أطاعك من عصاك"، وعند أهل المغازي أنَّها
كانت في ربيع الآخر سنة تسع من الهجرة. انتهى (?).
(فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ شَرَابًا يُصْنَعُ بِأَرْضِنَا)؛ أي: أرض اليمن، (يُقَالُ
لَهُ: الْمِزْرُ) بكسر الميم، وجممكون الزاي، آخره راء، (مِنَ الشَّعِيرِ) متعلّق
بـ "يُصنع"، ويُصنع أيضًا من الذّرَة، والحنطة. (وَشَرَابٌ يُقَالُ لَهُ: الْبِتْعُ) بكسر
الموحّدة، وسكون التاء، (مِنَ الْعَسَلِ)؛ أي: يُصنع منه، المراد من السؤال:
معرفة حُكْم شُربه، ففي رواية زيد بن أبي أنيسة عن سعيد بن أبي بردة الآتية:
"قلت: يا رسول الله أفتنا في شرابين نصنعهما باليمن: البتع، وهو من العسل،
يُنبذ حتى يشتدّ، والْمِزْر، وهو من الذرة والشعير، يُنبذ حتى يشتدّ ... ".
(فَقَالَ) - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ("كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ") وفي رواية زيد الآتية: وكان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قد
أُعطي جوامع الكلم بخواتمه، فقال: "أنهى عن كلّ مسكر أسكر عن الصلاة"،
والله تعالى أعلم بالصواب، دياليه المرجع والمآب.
مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أبي موسى الأشعريّ - رضي الله عنه - هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه: