يعني: إذا فعلت ذلك، فكأنك كفأت إناءك، وأَرَقته، وأشار به إلى ذهاب
اللبن، وفيه أنه يَفْجَعها بولدها، ولهذا قال: "وتُوَلِّهَ ناقتك"، فأشار بتركه حتى
يكون ابن مخاض، وهو ابن سنة، ثم يذهب، وقد طاب لحمه، واستمتع بلبن
أمه، ولا يشُقّ عليها مفارقته؛ لأنه استغنى عنها، هذا كلام أبي عبيد.
ورَوَى البيهقيّ بإسناده عن الحارث بن عَمْرو، قال: أتيت النبيّ - صلى الله عليه وسلم -
بعرفات، أو قال: بمنى، وسأله رجل عن العتيرة، فقال: "مَن شاء عَتَرَ، ومن
شاءلم يَعْتِرْ، ومن شاءفَرَّع (?)، ومن شاء لم يُفَرِّع" (?).
وعن أبي رَزِين قال: يا رسول الله إنا كنا نذبح في الجاهلية ذبائح في
رجب، فنأكل منها، ونطعم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا بأس بذلك".
وعن أبي رَمْلة، عن مِخْنف بن سُليم، قال: كنا وُقُوفاً مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
بعرفات، فسمعته يقول: "يا أيها الناس إن على أهل كل بيت في كل عام
أضحيةً، وعتيرةً، هل تدري ما العتيرة؟ هي التي تسمى الرجبية"، رواه أبو
داود، وا لترمذيّ، والنسائيّ، وغيرهم، قال الترمذيّ: حديث حسن.
وقال الخطابيّ: هذا الحديث ضعيف المخرج؛ لأن أبا رملة مجهول،
هذا مختصر ما جاء من الأحاديث في الفرع والعتيرة.
قال الشافعيّ - رحمه الله -: الفرع شيء كان أهل الجاهلية يطلبون به البركة في
أموالهم، فكان أحدهم يذبح بِكْر ناقته، أو شاته، فلا يغذوه رجاء البركة فيما
يأتي بعده، فسألوا النبيّ - صلى الله عليه وسلم - عنه، فقال: "فَرَّعوا إن شئتم"؛ أي: اذبحوا إن
شئتم، وكانوا يسألونه عما كانوا يصنعونه في الجاهلية؛ خوفاً أن يُكْرَه في
الإسلام، فأعلمهم أنه لا كراهة عليهم فيه، وأمرهم استحباباً أن يغذوه، ثم
يُحْمَل عليه في سبيل الله.
قال الشافعيّ: وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "الفَرَعُ حَقٌّ"؛ معناه: ليس بباطل، وهو كلام
عربيّ خرج على جواب السائل، قال: وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا فَرَعَ، ولا عَتِيرة"؛ أي: