بمعناها، ونَحْوٌ من هذا البِنَاء. انتهى (?).

قال الجامع عفا الله عنه: بناء الْمَفْعَلة والْمُفْعِلَة، وصفًا للمكان للدلالة على الكثرة من اسم ما كثُر فيه. ذَكَره ابن مالك - رحمه الله - في "لاميّته"، فقال:

مِنِ اسْمِ مَا كَثُرَ اسْمُ الأَرْضِ مَفْعَلَةٌ ... كَمِثْلِ مَسْبَعَةٍ وَالزَّائِدُ اخْتُزِلَا

مِنَ الْمَزِيدِ كَمَفْعَاةٍ وَمُفْعِلَةٌ ... وَأَفْعَلَتْ عَنْهُمُ فِي ذَلِكَ احْتُمِلَا

غَيْرُ الثَّلَاثِيِّ مِنْ ذَا الْوَضْعِ مُمْتَنِعٌ ... وَرُبَّمَا جَاءَ مِنْهُ نَادِرٌ قُبِلَا

وأشار بقوله: "غير الثلاثيّ. . . إلخ" أن شرط البناء المذكور أن يكون من الثلاثيّ، وأما غيره فلا يُبنى منه إلا نادرًا، كمُعَقرِبةٍ، ومُثَعْلِبَةٍ؛ أي: كثيرة العقرب، والثعلب.

(فَمَا تَأْمُرُنَا؟ ، أَوْ) للشكّ من الراوي، (فَمَا تُفْتِينَا؟ )؛ أي: تُخبرنا بحكمه، (قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("ذُكِرَ لِي) بالبناء للمفعول، والظاهر أن الذاكر له جبريل - عليه السلام -، فهو وحي، ولكنه لم يُبيّن له أيّ الدوابّ هي؟ (أَنَّ أُمَّةً)؛ أي: جماعة (مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ)؛ أي: أولاد يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل - عليهم الصلاة والسلام - (مُسِخَتْ") بالبناء للمفعول؛ أي: حُوّلت من صورتها الآدميّة إلى صورة حيوان آخر، يقال: مسَخَ الله مَسْخًا: حَوّل صورته التي كان عليها إلى غيرها، ومَسَخَ الكاتب: إذا صحّف، فأحال المعنى في كتابه (?).

(فَلَمْ يَأْمُرْ) - صلى الله عليه وسلم - بأكلها (وَلَمْ يَنْهَ) عنه. (قَالَ أَبُو سَعِيدٍ) الخدريّ - رضي الله عنه - (فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ) اسم "كان" محذوف؛ أي: فلما كان الزمن بعد ذلك اليوم الذي قال فيه النبيّ - صلى الله عليه وسلم - ما ذُكر، (قَالَ عُمَرُ) بن الخطّاب - رضي الله عنه - (إِنَّ اللهَ - عز وجل - لَيَنْفَعُ بِهِ)؛ أي: بالضبّ؛ أي: بأكل لحمه (غَيْرَ وَاحِدٍ)؛ يعني: كثيرًا من الناس، (وَإِنَّهُ لَطَعَامُ عَامَّةِ هَذِهِ الرِّعَاءِ، وَلَوْ كَانَ عِنْدِي لَطَعِمْتُهُ، إِنَّمَا عَافَهُ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -)؛ يعني: أنه - صلى الله عليه وسلم - إنما ترك أكله لا لكونه حرامًا، وإنما لكراهته له تقذّرًا، حيث لم يكن بأرض قومه، ولا من طعامهم، والله تعالى أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015