قال: وفيه دليل على جواز اتخاذ الأخْوِنة، والأكل عليها؛ فإنَّه - صلى الله عليه وسلم - قد كان له خُوان، وأُكِل عليه بحضرته، على ما اقتضاه ظاهر هذا الحديث، وما روي: أنه - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه - رضي الله عنهم - لم تكن لهم موائد، وأنَّهم كانوا يأكلون على السُّفَرِ، فذلك كان غالب أحوالهم، والله تعالى أعلم. انتهى (?).

وقوله: (عَلَيْهِ لَحْمٌ) جملة في محلّ رفع صفة لـ "خوان"، (فَلَمَّا أَرَادَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَأْكُلَ، قَالَتْ لَهُ مَيْمُونَةُ) - رضي الله عنها - (إِنَّهُ لَحْمُ ضَبٍّ، فَكَفَّ يَدَهُ)؛ أي: مَنَعها مِن تناول ذلك اللحم، يقال: كَفّ عن الشيء كفًّا، من باب قَتَلَ: تركه، وكففتُهُ كفًّا، منعته، فكفّ يتعدَّى، ولا يتعدَّى (?)، وما هنا من المتعدّي، ولذا نصب "يده". (وَقَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("هَذَا لَحْمٌ لَمْ آكُلْهُ قَطُّ")؛ أي: فيما مضى من الزمن، يقال: ما فعلت ذلك قطُّ؛ أي: في الزمان الماضي، بضمّ الطاء المشدّدة، قاله الفيّوميّ (?). (وَقَالَ لَهُمْ)؛ أي: للحاضرين ("كُلُوا"، فَأَكَلَ مِنْهُ الْفَضْلُ) بن العبّاس (وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَالْمَرْأَةُ) تقدّم أنها لا تُعرف، (وَقَالَتْ مَيْمُونَةُ) - رضي الله عنها - (لَا آكُلُ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا شَيْءٌ يَأْكُلُ مِنْهُ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) فيه ما كانت عليه ميمونة - رضي الله عنها - من شدّة محبّتها للنبيّ - صلى الله عليه وسلم -، حيث تركت أكْلَ ما أَمَر بأكله، لَمّا تركه هو، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث ابن عبّاس - رضي الله عنهما - هذا من أفراد المصنّف - رحمه الله -.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا [7/ 5032] (1948)، و (ابن أبي شيبة) في "مصنّفه" (5/ 124)، و (أحمد) في "مسنده" (1/ 326)، و (أبو عوانة) في "مسنده" (5/ 40)، و (الطحاويّ) في "شرح معاني الآثار" (4/ 202)، و (البيهقيّ) في "الكبرى" (9/ 323)، والله تعالى أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015