وقيمة المرء ما يُحسنه، ذكره أبو عبد الله القرطبيّ في "تفسيره" (?).
10 - (ومنها): جواز أكل ما أمسكه الكلب بالشروط المتقدمة، ولو لم يُذبح؛ لقوله: "إنّ أخذ الكلب ذكاة"، فلو قَتل الصيد بظفره، أو نابه حَلّ، وكذا بثقله على أحد القولين للشافعيّ، وهو الراجح عندهم، وكذا لو لم يقتله الكلب، لكن تركه، وبه رَمَقٌ، ولم يبق زمنٌ يُمْكِن صاحبه فيه لحاقُه وذبحه فمات حَلّ؛ لعموم قوله: "فإن أخذ الكلب ذكاةٌ"، وهذا في المعلَّم. فلو وجده حيًّا حياةً مستقرّةً، وأدرك ذكاته لم يحلّ إلا بالتذكية، فلو لم يذبحه مع الإمكان حَرُم، سواءٌ كان عدم الذبح اختيارًا، أو اضطرارًا، كعدم حضور آلة الذبح، فإن كان الكلب غير مُعَلَّم اشتُرِط إدراك تذكيته، فلو أدركه ميتًا لم يحلّ.
11 - (ومنها): أن شَرْط حلّ ما قتله الكلب المعلّم أن لا يشاركه فيه كلب آخر في اصطياده، ومحلُّه ما إذا استرسل بنفسه، أو أرسله من ليس من أهل الذكاة، فإن تحقق أنه أرسله من هو من أهل الذكاة حَلّ، ثم يُنظر فإن أرسلاهما معًا فهو لهما، وإلا فللأول، ويؤخذ ذلك من التعليل في قوله: "فإنما سَمَّيت على كلبك، ولم تُسَمِّ على غيره"، فإنه يُفهم منه أن المرسِل لو سمّى على الكلب لحلّ.
ووقع في رواية بيان عن الشعبيّ الآتية: "وإن خالطها كلاب من غيرها فلا تأكل"، فيؤخذ منه أنه لو وَجده حيًّا، وفيه حياة مستقرّة فذكّاه حلّ؛ لأن الاعتماد في الإباحة على التذكية، لا على إمساك الكلب.
12 - (ومنها): أن من شَرْط الحلّ أيضًا أن لا يأكل الكلب من الصيد الذي قتله، وإلا فلا يحلّ، ولو كان الكلب معلَّمًا، وسيأتي تمام البحث في ذلك في المسألة الثامنة - إن شاء الله تعالى -.
13 - (ومنها): إباحة الاصطياد للانتفاع بالصيد للأكل، والبيع، وكذا اللهو، بشرط قَصْد التذكية والانتفاع، وكرهه مالك، وخالفه الجمهور، قال الليث: لا أعلم حقًّا أشبه بباطل منه، فلو لم يقصد الانتفاع به حَرُم؛ لأنه من الفساد في الأرض بإتلاف نفس عَبَثًا، وينقدح أن يقال: يباح، فإن لازَمَه وأكثر