ودخل فيه ما لا يُؤكل لحمه. انتهى كلام ابن عابدين - رحمه الله - ببعض اختصار.
وقال أبو العبّاس القرطبيّ - رحمه الله -: الأصل في جواز الصيد على الجملة الكتاب، والسنّة، وإجماع الأمّة، فأما الكتاب فقوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ} الآية [المائدة: 4]؛ أي: وصيد ما علّمتم، وقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ} الآية [المائدة: 94]، وقوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ} [المائدة: 96].
وأما السنّة فالأحاديث الآتية الصحيحة، وأما الإجماع فإنه قد أجمع أهل العلم على إباحة الاصطياد، والأكل من الصيد.
والصيد ذكاة في المتوحّش طبعًا، غير المقدور عليه، المأكول نوعه، والنظر فيه في الصائد، والْمَصِيد، والآلة التي يُصاد بها، ولكلّ منها شروطٌ يأتي بيانها أثناء النظر في الأحاديث الآتية، إن شاء الله تعالى. انتهى كلام القرطبيّ ببعض تصرّف (?).
وقال النوويّ - رحمه الله -: الأحاديث المذكورة في هذا الكتاب في الاصطياد كلّها فيها إباحة الاصطياد، وقد أجمع المسلمون عليه، وتظاهرت عليه دلائل الكتاب، والسنّة، والإجماع. قال القاضي عياض: هو مباح لمن اصطاد للاكتساب، والحاجة، والانتفاع به بالأكل، وثمنه. قال: واختلفوا فيمن اصطاد للهو، ولكن قَصَد تذكيته، والانتفاع به، فكرهه مالكٌ، وأجازه الليث، وابن عبد الحكم، قال: فإنْ فَعَله بغير نيّة التذكية، فهو حرام؛ لأنه فساد في الأرض، وإتلاف نفس عَبَثًا. انتهى (?)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثانية): في الكلام على الذبائح:
"الذبائح": جمع ذبيحة، من "الذبح" - بفتح، فسكون - وهو قطع الحلقوم من باطنٍ عند النَّصِيل، وهو موضع الذبح من الحلق، قال الفيّوميّ - رحمه الله -: ذبحت الحيوان ذَبْحًا، فهو ذبيحٌ، ومذبوحٌ، والذبيحة: ما يُذبح، وجَمْعها ذبائح، مثلُ كريمة وكرائم، وأصل الذبح: الشَّقُّ، والذِّبْحُ وزانُ حِمْل: ما يُهيّأ