الإرادة تتضمّن الميل، وهو مما يتّصف به المخلوق، فوجب إثبات الأمرين، أو نفيهما معًا (?).

والحاصل أن الفرق بين معاني صفات الله - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - وصفات المخلوقين فيما يقع فيه الشركة في اللفظ والتسمية واضح وضوح الشمس في رابعة النهار، لا يخفى إلَّا على من أعمى الهوى والتقليد بصيرته، {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (8)} [آل عمران: 8]، اللهم أرنا الحقّ حقًّا، وارزقنا اتّباعه، وأرِنا الباطل باطلًا، وارزقنا اجتنابه، آمين، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجَّاج - رَحِمَهُ اللهُ - المذكور أولَ الكتاب قال:

[363] ( ... ) - (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ الله، قَالَ: "مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ، يَسْتَحِقُّ بِهَا مَالًا، هُوَ فِيهَا فَاجِرٌ، لَقِيَ اللهَ، وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ"، ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ الْأَعْمَش، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: كَانَتْ بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ خُصُومَة فِي بِئْرٍ، فَاخْتَصَمْنَا إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: "شَاهِدَاكَ أَوْ يَمِينُهُ").

رجال هذا الإسناد: خمسة:

1 - (جَرِير) هو ابن عبد الحميد المذكور في الباب الماضي.

2 - (مَنْصُور) هو: ابن المعتمر بن عبد الله السُّلَميّ، أبو عَتّاب الكوفيّ، ثقةٌ ثبت [6] (ت 132) (ع) تقدّم في "شرح المقدّمة" جـ 1 ص 296.

والباقون تقدّموا في الذي قبله.

وقوله: (عَنْ عَبْدِ الله، قَالَ) هو ابن مسعود - رضي الله عنه -، ثم إن روادة جرير، عن منصور هذه هكذا وقعت موقوفة في "الصحيحين"، ولم يقع فيها الرفع، وقد سبق الحديث الماضي من رواية الأعمش مرفوعًا، ولفظه: "عن عبد الله، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال"، وكذا وقع التصريح برفعه في رواية شعبة عن الأعمش،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015