بالعنعنة، فتنبّه، وقد مرّ ذكر هذه القاعدة غير مرّة، فلا تكن من الغافلين.

(عَنْ عَبْدِ اللهِ) بن مسعود - رضي الله عنه -؛ لما بيّنته من القاعدة في ذكر اللطائف (عَنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) أنه (قَالَ: "مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينِ صَبْرٍ) - بفتح الصاد المهملة، وسكون الموحدة - وإضافة "يمين" إليها: وهي التي يَحْبِسُ الحالف نفسه عليها، قاله النوويّ رحمه الله (?).

وقال في "الفتح": "يمين الصبر": هي التي تَلْزَم، ويُجْبَر عليها حالفها، يقال: أصبره اليمينَ: أحلفه بها في مَقَاطع الحقّ. انتهى (?).

وقوله (يَقْتَطِعُ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ) جملة في محلّ نصب على الحال، من الفاعل، وفي رواية حجاج بن منهال عن البخاريّ: "ليقطع بها" بزيادة لام التعليل، و"يَقْتَطِعُ": يَفْتَعِلُ، من القطع، كأنه قَطَعَهُ عن صاحبه، أو أخذ قطعةً من ماله بالحلف المذكور.

(هُوَ فِيهَا فَاجِرٌ) فيه حذف مضاف؛ أي: في الإقدام عليها، والمراد بالفجور: لازِمه وهو الكذب، (لَقِيَ اللهَ، وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ")، وفي حديث وائل بن حُجْر الآتي: "وهو عنه مُعْرِضٌ"، وفي رواية كُرْدُوس عن الأشعث - رضي الله عنه - عند أبي داود: "إلا لَقِيَ اللهَ، وهو أجذم"، وفي حديث أبي أمامة بن ثعلبة - رضي الله عنه - الماضي: "فقد أوجب الله له النار، وحَرَّمَ عليه الجنة"، وفي حديث عمران - رضي الله عنه - عند أبي داود: "فليتبوأ مقعده من النار".

(قَالَ) أبو وائل رحمه الله (فَدَخَلَ الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ) بن مَعْدِي كَرِبَ الكنديّ، أبو محمد الصحابيّ، نَزَلَ الكوفةَ، وروى عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وعن عمر، وعنه أبو وائل، والشعبيّ، وقيس بن أبي حازم، وعبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، وعبد الرحمن المُسْلِيّ، ومسلم بن هَيْضَم، وأبو بَصِير العَبْديّ، وأبو إسحاق السَّبِيعيّ، وغيرهم.

قال ابن سعد: وَفَدَ على النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بسبعين رجلًا من كِنْدَة، وكان اسمه مَعْدِ يكَرِب، ولُقِّب الأشعث؛ لِشَعْثِ رأسه، ومات بالكوفة حين صالح الحسنُ معاويةَ - رضي الله عنه -، فصلّى عليه، وقال خليفة: مات في آخر سنة أربعين، بعد قَتْل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015