استعارةٌ من نُخالة الدقيق، وهي قشوره، والنخالة، والحُفالة، والحُثالة بمعنى واحد. انتهى (?).
ولقد أجاد هذا الصحابيّ - رضي الله عنه - حيث ردّ عليه تطاوله بقوله: (فَقَالَ) عائذ بن عمرو - رضي الله عنه - (وَهَلْ كَانَتْ لَهُمْ)؛ أي: لأصحاب محمد - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، (نُخَالَةٌ؟ ) الاستفهام إنكاريّ؛ أي: ليست فيهم نخالة أصلًا، (إِنَّما كَانَتِ النُّخَالَةُ بَعْدَهُمْ)؛ أي: بعد موتهم، وانقطاع آثارهم، (ورس فَيْرِهِمْ) ممن لا صحبة له.
وقال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: قوله: "وهل كانت لهم نُخالة ... إلخ": هذا من جَزْل الكلام، وفَصِيحه، وصدقه الذي ينقاد له كلّ مسلم، فإن الصحابة - رضي الله عنهم - كلَّهم هم صفوة الناس، وسادات الأمة، وأفضل ممن بعدَهم، وكلُّهم عُدول، قُدوةٌ، لا نُخالة فيهم، وإنما جاء التخليط ممن بعدهم، وفيمن بعدهم كانت النخالة. انتهى (?).
وقال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: وهذا الكلام من عامر بن عمرو - رضي الله عنه -، وعظٌ، ونصيحةٌ، وذكري، لو صادفت مَنْ تنفعه الذكري، لكنها صادفت غليظ الطبع، والفهم، ومن إذا قيل له: اتَّقِ الله أخذته العزّة بالإثم، فلقد غلب عليه الجفاء، والجهالة حتى جعل فيمن اختاره الله لصحبة نبيّه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الحثالة، ونسبهم إلى النُّخالة، والرُّذالة، فهو معهم على الكلمة التي طارت وحَلَّت: رَمَتني بدائها وانسلّتْ، ولقد أحسن عائِذُ في الردّ عليه، حيث أسمعه من الحقّ ما ملأ قلبه، وأصمَّ أُذنيه، فقال - ولم يبال بهجرهم -: وهل كانت النخالة إلَّا بعدهم، وفي غيرهم؟ وحُثالة الشيء ورُذَالتُهُ، وسَقَطُهُ: شِرارُهُ. انتهى (?)، والله تعالى أعلم
بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث عائذ بن عمرو - رضي الله عنه - هذا من أفراد المصنّف - رَحِمَهُ اللهُ - (?).