شرح الحديث:
(عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ) - رضي الله عنه - (عَنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "قَالَ اللهُ عز وجل) تقدّم أن هذا من الأحاديث القدسيّة (إِنَّ أُمَّتَكَ لَا يَزَالُونَ يَقُولُونَ: مَا كَذَا؟ ، مَا كَذَا؟ ) ولفظ البخاريّ: "لن يبرح الناس يتساءلون حتى يقولوا: هذا الله ... "، وللبزار من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: "لا يزال الناس يقولون: كان الله قبل كل شيء، فمن كان قبله" (حَتَّى يَقُولُوا: هَذَا اللهُ خَلَقَ الْخَلْقَ) "هذا الله" مبتدأ وخبر، أو "هذا" مبتدأ و"الله" عطف بيان، و"خلق الخلق" خبره، وقال الطيبيّ: والأول أولى، ولكن تقديره هذا مُقَرَّر معلومٌ، وهو أن الله خلق الخلق، وهو شيءٌ، وكل شيء مخلوقٌ، فمن خلقه؟ فيظهر ترتيب ما بعد الفاء على ما قبلها. انتهى. (فَمَنْ خَلَقَ اللهَ؟ ") وتقدّم في رواية لأبي هريرة - رضي الله عنه -: "مَن خلق ربك"، وزاد: "فإذا بلغه فليستعذ بالله ولينته"، ولأبي داود، والنسائيّ من الزيادة: "فقولوا: الله أحد، الله الصمد، السورةَ، ثم ليتفُل عن يساره، ثم ليستعذ" ولأحمد من حديث عائشة: "فإذا وجد أحدكم ذلك، فليقل: آمنت بالله ورسوله، فإن ذلك يَذهَبُ عنه".
قال ابن بطال: في حديث أنس - رضي الله عنه - الإشارة إلى ذَمّ كثرة السؤال؛ لأنها تُفْضي إلى المحذور، كالسؤال المذكور، فإنه لا ينشأ إلا عن جهل مُفْرِط، وقد ورد بزيادة من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - بلفظ: "لا يزال الشيطان يأتي أحدكم، فيقول: من خلق كذا؟ ، من خلق كذا؟ ، حتى يقول: من خلق الله؟ فإذا وجد ذلك أحدكم، فليقل: آمنت بالله"، وفي رواية: "ذاك صريح الإيمان"، ولعل هذا هو الذي أراد الصحابيّ فيما أخرجه أبو داود، من رواية سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: جاء ناس إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم - من أصحابه، فقالوا: يا رسول الله، إنا نجد في أنفسنا الشيء يَعظُمُ أن نتكلم به، ما نُحِبّ أن لنا الدنيا، وإنا تكلمنا به، فقال: "أَوَ قد وجدتموه؟ ذلك صريح الإيمان"، ولابن أبي شيبة من حديث ابن عباس: جاء رجل إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني أُحَدِّث نفسي بالأمر، لأن أكون حُمَمَةً أحب إليّ من أن أتكلَّم به، قال: "الحمد لله الذي رَدّ أمره إلى الوسوسة" (?)، والله