يردّ على ما نقله ابن المنادى من "كتاب دانيال"، وأما ما ذكره عن أبي صالح فَوَاهٍ جدًّا، وكذا عن كعب.

وأما محاولة ابن الجوزيّ الجمع بين حديث: "تدور رَحَى الإسلام"، وحديث الباب ظاهرُ التكلف، والتفسير الذي فسّره به الخطابيّ، ثم الخطيب بعيد، والذي يظهر أن المراد بقوله: "تدور رحى الإسلام" أنْ تدوم على الاستقامة، وأن ابتداء ذلك من أول البعثة النبوية، فيكون انتهاء المدة بقتل عمر في ذي الحجة سنة أربع وعشرين من الهجرة، فإذا انضم إلى ذلك اثنتا عشرة سنة وستة أشهر من المبحث في رمضان كانت المدة خمسًا وثلاثين سنةً وستة أشهر، فيكون ذلك جميع المدة النبوية، ومدة الخليفتين بعده خاصّة، ويؤيده حديث حذيفة الذي يشير إلى أن باب الأمن من الفتنة يُكسر بقتل عمر، فيُفتح باب الفتن، وكان الأمر على ما ذَكَرَ، وأما قوله في بقية الحديث: "فإن يهلكوا فسبيل من هلك، وإن يَقُم لهم دينهم يقم سبعين سنةً"، فيكون المراد بذلك: انقضاء أعمارهم، وتكون المدة سبعين سنةً إذا جُعل ابتداؤها من أول سنة ثلاثين عند انقضاء ست سنين من خلافة عثمان، فإنّ ابتداء الطعن فيه إلى أن آل الأمر إلى قَتْله كان بعد ستّ سنين مضت من خلافته، وعند انقضاء السبعين لَمْ يبق من الصحابة أحد، فهذا الذي يظهر لي في معنى هذا الحديث، ولا تَعَرُّض فيه لِمَا يتعلق باثني عشر خليفةً، وعلى تقدير ذلك، فالأَولى أن يُحْمَل قوله: "يكون بعدي اثنا عشر خليفةً" على حقيقة البَعدية، فإن جميع من ولي الخلافة من الصدّيق إلى عمر بن عبد العزيز أربعة عشر نفسًا، منهم اثنان لَمْ تصحّ ولايتهما، ولم تَطُل مدتهما، وهما معاوية بن يزيد، ومروان بن الحكم، والباقون اثنا عشر نفسًا على الولاء، كما أخبر - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وكانت وفاة عمر بن عبد العزيز سنة إحدى ومائة، وتغيرت الأحوال بعده، وانقضى القرن الأول الذي هو خير القرون، ولا يقدح في ذلك قوله: "يجتمع عليهم الناس"؛ لأنه يُحْمَل على الأكثر الأغلب؛ لأنَّ هذه الصفة لَمْ تُفقد منهم إلَّا في الحسن بن عليّ، وعبد الله بن الزبير، مع صحة ولايتهما، والْحُكْمِ بأن من خالفهما لَمْ يثبت استحقاقه إلَّا بعد تسليم الحسن، وبعد قتل ابن الزبير، والله أعلم.

وكانت الأمور في غالب أزمنة هؤلاء الاثني عشر منتظمةً، وإن وُجد في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015