فيه، ونحو ذلك، وعلى هذا يُحْمَل ما وُجد للسلف من الأخبار بذلك.

3 - (ومنها): استحباب إخفاء الأعمال الصالحة، وما يكابده العبد من المشاقّ في طاعة الله تعالى ولا يُظهر شيئًا من ذلك إلا لمصلحة راجحة، كما أشرنا إليه آنفًا.

4 - (ومنها): أنه يدل على ما كان عليه الصحابة - رضي الله عنهم -، من شدّة الصبر، والْجَلَد، وتَحَمُّل تلك الشدائد العظيمة، وإخلاصهم في أعمالهم، وكراهية إظهار أعمال البرّ، والتحدث بها إذا لم تَدْع إلى ذلك حاجة، والله أعلم.

{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}.

(49) - (بَابُ كَرَاهَةِ الاسْتِعَانَةِ فِي الْغَزْوِ بِكَافِرٍ)

[4692] (1817) - (حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ مَالِكٍ (ح) وَحَدَّثَنِيهِ أَبُو الطَّاهِرِ - وَاللَّفظُ لَهُ - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْب، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ أَبِي عَبْدِ الله، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ نِيَارٍ الأَسلَمِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْر، عَنْ عَائِشَةَ زَوْج النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهَا قَالَتْ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قِبَلَ بَدْرٍ، فَلَمَّا كَانَ بِحَرَّةِ الْوَبَرَة، أدْرَكَهُ رَجُلٌ، قَدْ كَانَ يُذْكَرُ مِنْهُ جُرْأةٌ، وَنَجْدَةٌ، فَفَرِحَ أَصْحَابُ رَسُول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ رَأَوْهُ، فَلَمَّا أَدْرَكَهُ، قَالَ لِرَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: جِئْتُ لأَتَّبِعَكَ، وَأُصِيبَ مَعَكَ، قَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "تُؤْمِنُ بِاللهِ وَرَسُولهِ؟ "، قَالَ: لَا، قَالَ: "فَارْجِعْ، فَلَنْ أَسْتَعِينَ بِمُشْرِكٍ"، قَالَتْ: ثُمَّ مَضَى حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالشَّجَرَة، أَدْرَكَهُ الرَّجُلُ، فَقَالَ لَهُ كَمَا قَالَ أَوَّلَ مَرَّةٍ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - كَمَا قَالَ أَوَّلَ مَرَّةٍ، قَالَ: "فَارْجِعْ، فَلَنْ أَسْتَعِينَ بِمُشْرِكٍ"، قَالَ: ثُمَّ رَجَعَ، فَأَدْرَكَهُ بِالْبَيْدَاء، فَقَالَ لَهُ كَمَا قَالَ أَوَّلَ مَرَّةٍ: "تُؤْمِنُ بِاللهِ وَرَسُولهِ؟ "، قَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "فانْطَلِقْ").

رجال هذا الإسناد: تسعة:

1 - (زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ) تقدّم قبل باب.

2 - (عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ) تقدّم قريبًا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015