بِتُرْس واحد"، (وَكَسَرَ) أبو طلحة - رضي الله عنه - (يَوْمَئِذٍ قَوْسَيْن، أَوْ ثَلَاثًا)؛ أي: من شدّة الرمي. (قَالَ: فَكَانَ الرَّجُلُ) من الصحابة - رضي الله عنهم - (يَمُرُّ مَعَهُ الْجُعْبَةُ) - بضم الجيم، وسكون العين المهملة، بعدها موحّدة -: هي الآلة التي يُوضع فيها السهام، وقوله: (مِنَ النَّبْلِ) بيان للمراد بالجُعبة، و"النَّبْلُ" - بفتح النون، وسكون الموحّدة -: السهام العربيّة، وهي مؤنّثةٌ، ولا واحد لها من لفظها، بل الواحد سَهْمٌ، فهي مفردة اللفظ، مجموعة المعنى (?).
(فَيَقُولُ) النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لذلك الرجل ("انْثُرْهَا) - بضمّ الثاء المثلّثة، وكسرها: يقال: نثرته نَثْرًا، من باب قَتَلَ، وضَرَبَ: رَمَيتُ به متفرِّقًا، فانتثر (?). (لأَبِي طَلْحَةَ"، قَالَ: وَيُشْرِفُ نَبِيُّ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) بضمّ حرف المضارعة، من الإشراف: يقال: أشرفتُ عليه؛ أي: اطّلعتُ، وقوله: (يَنْظُرُ إِلَى الْقَوْمِ) جملة في محلّ نصب على الحال من الفاعل، (فَيَقُولُ أَبُو طَلْحَةَ) - رضي الله عنه - (يَا نَبِيَّ الله، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي) قال ابن منظور - رحمه الله -: الباء متعلقة بمحذوف، قيل: هو اسمٌ، فيكون ما بعده مرفوعًا تقديره: أنت مَفْدِيٌّ بأبي وأمي، وقيل: هو فعلٌ، وما بعده منصوب؛ أي: فَدَيتك بأبي وأمي، وحُذف هذا المقدَّر تخفيفًا؛ لكثرة الاستعمال، وعِلْمِ المخاطب به. انتهى (?).
(لَا تُشْرِفْ) بالجزم؛ لأن "لا" ناهية، وهو بضم أوله، وسكون المعجمة، من الإشراف، ولأبي الوقت: بفتح أوله، وثانيه، وتشديد الراء، وأصله تَتَشَرّف؛ أي: لا تطلب الإشراف عليهم.
(لَا يُصِبْكَ سَهْمٌ) بجزم "يُصِبْ" على أنه جواب النهي، والتقدير: إن لا تُشرِفْ، لا يُصِبْكَ ... إلخ، قال في "الخلاصة":
وَبَعْدَ غَيْرِ النَّهيِ جَزْمًا اعْتَمِدْ ... إِنْ تَسْقُطِ الْفَا وَالْجَزَاءُ قَدْ قُصِدْ
وَشَرْطُ جَزْمٍ بَعْدَ نَهْيٍ أَنْ تَضَعْ ... "أنْ" قَبْلَ "لَا" دُونَ تَخَالُفٍ يَقَعْ
ولغير أبي ذر في رواية البخاريّ: "يصيبك" بالرفع، وهو جائز على تقدير: كأنه قال مثلًا: لا تُشْرِف، فإنه يصيبك، أفاده في "الفتح" (?).