والمعنى هنا: تشتعل نارها، وهو كثاية عن شدّة الحرب.
(قَالَ) سلمة (وَبَرَزَ)؛ أي: ظهر، مبارزًا (لَهُ)؛ أي: لمرحب، (عَمِّي عَامِرٌ) - رضي الله عنه - (فَقَالَ: قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي عَامِرٌ شَاكِي السِّلَاحِ بَطَل مُغَامِرٌ) اسمُ فاعل من غامر؛ يعني: أنه يأتي غَمَرَات الحروب، ويقتحمها، وأصله من الْغَمْر، وهو الماء الكثير، قاله القرطبيّ (?)، وقال النوويّ: "مغامر" بِالغين المعجمة؛ أي: يركب غَمَرَات الحرب، وشدائدها، ويُلقي نفسه فيها (?). (قَالَ) سلمة (فَاخْتَلَفَا)؛ أي: اختلف عامرٌ، ومرحب، فتضاربا (ضَرْبَتَيْنِ) متعاقبتين، (فَوَقَعَ سَيْفُ مَرْحَبٍ فِي تُرسِ عَامِرٍ) بضمّ التاء، وإسكان الراء: هو ما يُتوقّى به في الحرب، جَمْعه تَرِسَةٌ، كعِنَبَةٍ، وتُرُوسٌ، وتِرَاسٌ، مثل فُلُوسٍ، وسِهَام، وربّما قيل: أتراسٌ، قال ابن السّكّيت: ولا تقل: أَتْرِسَةٌ، وزانُ أَرْغِفةٍ (?). (وَذَهَبَ)؛ أي: شرع، وأخذ (عَامِرٌ يَسْفُلُ لَهُ) - بفتح الياء، وإسكان السين، وضمّ الفاء؛ أي: يضربه من أسفله (?). (فَرَجَعَ سَيْفُهُ عَلَى نَفْسِه، فَقَطَعَ أَكْحَلَهُ) بفتح الهمزة، وسكون الكاف، وفتح الحاء، آخره لام: عِرْقٌ في اليد، أو هو عِرْق الحياة، ولا يقال: عِرْق الأكحل، قاله المجد (?). (فَكَانَتْ فِيهَا)؛ أي: في تلك الضربة، (نَفْسُهُ)؛ أي: هلاك نفسه. (قَالَ سَلَمَةُ) - رضي الله عنه - (فَخَرَجْتُ)؛ أي: من المحل الذي كنت فيه، (فَإِذَا نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُونَ: بَطَلَ عَمَلُ عَامِرٍ)؛ أي: جهاده، ثم علّلوا حكمهم ببطلانه، فقالوا: (قَتَلَ نَفْسَهُ) ببناء الفعل للفاعل؛ أي: لأنه قتل نفسه، وقَتْل النفس من الموبقات. (قَالَ) سلمة (فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -)، وَالحال (وأَنَا أَبْكِي) لِمَا سمعته من قولهم: بَطَل عمل عامر، (فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ بَطَلَ عَمَلُ عَامِرٍ) هكذا في هذه الرواية، وتقدّم أنه قال قلت له: "فداك أبي وأمي زعموا أن عامرًا حَبِطَ عمله"، (قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ قَالَ ذَلِكَ؟ ")؛ أي: من الذي قال: بطل عمل عامر؟ (قَالَ: قُلْتُ: نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِكَ) وتقدّم أنه قال: قلت: فلان وفلان، وأُسيد بن حُضير الأنصاريّ.