قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "كَانَ خَيْرَ فُرْسَانِنَا الْيَوْمَ أبو قَتَادَةَ، وَخَيْرَ رَجَّالَتِنَا سَلَمَةُ"، قَالَ: ثُمَّ أَعْطَانِي رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - سَهْمَيْنِ: سَهْمُ الْفَارِس، وَسَهْمُ الرَّاجِل، فَجَمَعَهُمَا لِي جَمِيعًا، ثُمَّ أَرْدَفَني رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَرَاءَهُ عَلَى الْعَضْبَاء، رَاجِعِينَ إِلَى الْمَدِينَةِ. قَالَ: فَبَيْنَمَا نَحْنُ نَسِيرُ، قَالَ: وَكَانَ رَجُلٌ مِنَ الأنصَارِ لَا يُسْبَقُ شَدًّا، قَالَ: فَجَعَلَ يَقُولُ: ألَا مُسَابِقٌ إِلَى الْمَدِينَةِ؟ ، هَلْ مِنْ مُسَابِقٍ؟ فَجَعَلَ يُعِيدُ ذَلِكَ، قَالَ: فَلَمَّا سَمِعْتُ كَلَامَهُ، قُلْتُ: أَمَا تُكْرِمُ كَرِيمًا؟ ، وَلَا تَهَابُ شَرِيفًا؟ قَالَ: لَا، إِلَّا أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ بِأَبِي وَأُمِّي ذَرْنِي، فَلأُسَابِقَ الرَّجُلَ (?)، قَالَ: "إِنْ شِئْتَ"، قَالَ: قُلْتُ: اذْهَبْ إِلَيْكَ، وَثَنَيْتُ رِجْلَي، فَطَفَرْتُ، فَعَدَوْتُ، قَالَ: فَرَبَطْتُ عَلَيْهِ شَرَفًا، أَوْ شَرَفَيْنِ، أَسْتَبْقِي نَفَسِي، ثُمَّ عَدَوْتُ فِي إِثْرِه، فَرَبَطْتُ عَلَيْهِ شَرَفًا، أَوْ شَرَفَيْنِ، ثُمَّ إِنِّي رَفَعْتُ، حَتَّى أَلْحَقَهُ، قَالَ: فَأَصُكُّهُ بَيْنَ كَتِفَيْه، قَالَ: قُلْتُ: قَدْ سُبِقْتَ وَالله، قَالَ: أَنَا أَظُنُّ، قَالَ: فَسَبَقْتُهُ إِلَى الْمَدِينَة، قَالَ: فَوَاللهِ مَا لَبِثْنَا إِلَّا ثَلَاثَ لَيَالٍ (?)، حَتَّى خَرَجْنَا إِلَى خَيْبَرَ، مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ: فَجَعَلَ عَمِّي عَامِرٌ يَرْتَجِزُ بِالْقَوْمِ:
تَاللهِ لَوْلَا اللهُ مَا اهْتَدَيْنَا ... وَلَا تَصَدَّقْنَا وَلَا صَلَّيْنَا
وَنَحْنُ عَنْ فَضْلِكَ مَا اسْتَغْنَيْنَا ... فَثَبِّتِ الأَقْدَامَ إِنْ لَاقَيْنَا
وَأنزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ هَذَا؟ "، قَالَ: أنَا عَامِرٌ، قَالَ: "غَفَرَ لَكَ رَبُّكَ"، قَالَ: وَمَا اسْتَغْفَرَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لإِنسَانٍ يَخُصُّهُ إِلَّا اسْتُشْهِدَ، قَالَ: فَنَادَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّاب، وَهُوَ عَلَى جَمَلٍ لَهُ: يَا نَبِيَّ الله، لَوْلَا مَا مَتَّعْتَنَا (?) بِعَامِرٍ؟ ، قَالَ: فَلَمَّا قَدِمْنَا خَيْبَرَ قَالَ: خَرَجَ مَلِكهُمْ مَرْحَبٌ، يَخْطِرُ بِسَيْفِه، وَيَقُولُ:
قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي مَرْحَبُ ... شَاكِي السِّلَاحِ بَطَلٌ مُجَرَّبُ
إِذَا الْحُرُوبُ أقبَلَتْ تَلَهَّبُ