من الوثوب، والعامّة تستعمله بمعنى المبادرة، والمسارعة (?).
وفي رواية البخاريّ: "يتثاورون"، قال في "الفتح": قوله: "يتثاورون " بمثلّثة؛ أي: يتواثبون؛ أي: قاربوا أن يَثِبَ بعضهم على بعض، فيقتتلوا، يقال: ثار: إذا قام بسرعة، وانزعاج. انتهى (?).
(فَلَمْ يَزَلِ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يُخَفِّضُهُمْ) - بتشديد الفاء، من التخفيض؛ أي: يُسكّتهم، ويُسهّل الأمر بينهم، زاد في رواية البخاريّ: "حتّى سكنوا"، قال في "الفتح": قوله: "حتى سكنوا" بالنون، كذا للأكثر، وعند الكشميهنيّ بالمثناة، ووقع في حديث أنس: أنه نزل في ذلك: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا} الآية [الحجرات: 9]. انتهى.
(ثُمَّ رَكِبَ) - صلى الله عليه وسلم - (دَابَّتَهُ، حَتى دَخَلَ عَلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ) - رضي الله عنه - (فَقَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("أَيْ سَعْدُ) "أي" حرف نداء، كما في قول الشاعر:
أَلَمْ تَسْمَعِي أَيْ عَبْدَ فِي رَوْنَقِ الضُّحَى ... بُكَاءَ حَمَامَاتِ لَهُنَّ هَدِيرُ
واختُلِف فيها، هل هي للقريب، أو للبعيد، أو للمتوسّط (?)؟ وفي رواية البخاريّ: "أيا سعدُ".
(ألَمْ تَسْمَعْ اِلَى مَا قَالَ أبو حُبَابٍ) - بضمّ الحاء المهملة، وبموحّدتين، الأولى خفيفةٌ، وهي كُنية عبد الله بن أُبيّ، كما بيّنه بقوله: (يُرِيدُ)؛ أي: يقصد النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بقوله: "أبو حباب" (عَبْدَ اللهِ بْنَ أبَيٍّ)، وإنما كناه - صلى الله عليه وسلم - في تلك الحالة، وإن كان وضع الكنية للتشريف؛ لكونه مشهورًا بها، أو لمصلحة التألّف (?).
(قَالَ)؛ أي: أبو حباب (كَذَا وَكَذَا") كناية عما سبق له من الكلام، حيث قال: "أيها المرء لا أحسن من هذا، إن كان ما تقول حقًّا، فلا تؤذنا في مجالسنا ... إلخ".