بعض نسخ مسلم تبويبٌ بلفظ: "بَاب الوسوسة محض الإيمان"، قال: أما قوله: "محض الإيمان"، فلا يصحّ أن يراد به أن الوسوسة هي الإيمان؛ لأن الإيمان اليقين، وإنما الإشارة إلى ما وجدوا من الخوف من الله تعالى أن يعاقبوا على ما وقع في نفوسهم، فكأنه يقول: جَزَعكم من هذا هو محضُ الإيمان؛ إذ الخوف من الله - سبحانه وتعالى - ينافي الشكّ فيه، فإذا تقرّر هذا تبيّنَ أن هذا التبويب المذكور غلطٌ على مقتضى ظاهره. انتهى كلام المازريّ (?).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: سيأتي ما قاله العلماء في معنى قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ذاك محض الإيمان" قريبًا - إن شاء الله تعالى -.

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج رحمه الله تعالى المذكور أولَ الكتاب قال:

[347] (132) - (حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيه، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: جَاءَ نَاسٌ مِنْ أَصْحًابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَسَألُوهُ: إِنَّا نَجِدُ فِي أَنْفُسِنَا مَا يَتَعَاظَمُ أَحَدُنَا أَنْ يَتَكَلَّمَ بِه، قَالَ: "وَقَدْ وَجَدْتُمُوهُ؟ "، قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: "ذَاكَ صرِيحُ الإيمَانِ").

رجال هذا الإسناد: خمسة:

1 - (زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ) الْحَرَشي النسائيّ، ثم البغداديّ، تقدّم في الباب الماضي.

2 - (جَرِير) بن عبد الحميد الضبّيّ الكوفيّ، نزيل الريّ، وقاضيها، ثقةٌ، صحيح الكتاب [8] (ت 188) (ع) تقدم في "المقدمة" 6/ 50.

3 - (سُهَيْل) بن أبي صالح، أبو يزيد المدنيّ، ثقة، تغيّر في آخره [6] مات في خلافة المنصور (ع) تقدم في "الإيمان" 14/ 161.

4 - (أَبُوهُ) أبو صالح ذكوان السّمّان الزيّات المدنيّ، ثقةٌ ثبتٌ [3] (ت 101) (ع) تقدم في "المقدمة" 2/ 4.

5 - (أَبُو هُرَيْرَةَ) - رضي الله عنه - تقدم في "المقدمة" 2/ 4. والله تعالى أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015