وأخرج البيهقيّ، عن أسماء بنت يزيد، قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يصلح الكذب إلا في ثلاث: الرجل يكذب لامرأته؛ لترضى عنه، أو إصلاح بين الناس، أو يكذب في الحرب" (?).
2 - (ومنها): مشروعيّة الوفاء بالعهد، قال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: وقد اختَلَف العلماء في الأسير يعاهد الكفار، أن لا يَهْرُب منهم، فقال الشافعيّ، وأبو حنيفة، والكوفيون: لا يلزمه ذلك، بل متى أمكنه الهرب هرب، وقال مالك: يلزمه. واتفقوا على أنه لو أكرهوه، فحلف لا يهرب لا يمين عليه؛ لأنه مُكرَه.
وأما قضية حذيفة، وأبيه، فإن الكفار امشحلفوهما لا يقاتلان مع النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في غزوة بدر، فأمرهما النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بالوفاء، وهذا ليس للإيجاب، فإنه لا يجب الوفاء بترك الجهاد مع الإمام، ونائبه، ولكن أراد النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أن لا يَشيع عن أصحابه نقض العهد، وإن كان لا يلزمهم ذلك؛ لأن المُشِيع عليهم لا يذكر تأويلًا. انتهى (?)، والله تعالى أعلم بالصواب.
{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}.
(34) - (بَابُ غَزْوَةِ الأَحْزَابِ)
قال الجامع عفا الله عنه: كان الأولى للمصنّف - رَحِمَهُ اللهُ - أن يجمع حديث حذيفة - رضي الله عنه - هذا إلى حديث البراء بن عازب، وسهل بن سعد، وأنس بن مالك - رضي الله عنهم - الآتية بعد أبواب؛ لأنها كلّها في غزوة الأحزاب فجمعها في محلّ واحد هو الأنسب، والله تعالى أعلم.
و"الأحزاب": بفتح الهمزة: جمع حِزْب بكسر الحاء المهملة، وسكون الزاي، وهي الطائفة من الناس، وتُسمّى الخندق، فلها اسمان، قال في "الفتح": فأما تسميتها الخندق، فلأجل الخندق الذي حُفِر حول المدينة بأمر النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وكان الذي أشار بذلك سلمان - رضي الله عنه -، فيما ذكر أصحاب المغازي،