النصب، كهذا الحديث، وإلى هذا أشار ابن مالك - رحمه الله - في "الخلاصة" حيث قال:
يُنْصَبُ مَفْعُولًا لَهُ الْمَصْدَرُ إِنْ ... أَبَانَ تَعْلِيلًا كَـ"جُدْ شُكْرًا وَدِنْ"
وَهْوَ بِمَا يَعْمَلُ فِيهِ مُتَّحِدْ ... وَقْتًا وَفَاعِلًا وَإِنْ شَرْطٌ فُقِدْ
فَاجْرُرْهُ بِالْحَرْفِ وَلَيْسَ يَمْتَنِعْ ... مَعَ الشُّرُوطِ كَـ"لِزُهْدٍ ذَا قَنِعْ"
وَقَلَّ أَنْ يَصْحَبَهَا الْمُجَرَّدُ ... وَالْعَكْسُ فِي مَصْحُوبِ "أَلْ" وَأَنْشَدُوا
"لَا أَقْعُدُ الْجُبْنَ عَنِ الْهَيْجَاءِ ... وَلَوْ تَوَالَتْ زُمَرُ الأَعْدَاءِ"
(بِاللهِ) - سبحانه وتعالى - (وَبِرَسُولِهِ) - صلى الله عليه وسلم -، والمعنى: أنَّه ما حملنا على ما قلناه إلا البخل بالله تعالى، وبرسوله - صلى الله عليه وسلم -، حرصًا على أن يكون بلدنا بلد انطلاق الدعوة إلى الله، ومسكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومحلّ نزول الوحي من السماء، فيدوم لنا الفخر الموطّد، والشرف المؤبّد. (فَقَالَ) لهم (رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ اللهَ) تعالى (وَرَسُولَهُ) - صلى الله عليه وسلم - (يُصَدِّقَانِكُمْ) بضمّ أوله، وتشديد الدال المهملة المكسورة، من التصديق؛ أي: يريانكم صادقين فيما قلتم الآن، (وَيَعْذِرَانِكُمْ) بكسر الذال المعجمة، يقال: عَذَرْتُهُ فيما صَنَعَ عَذْرًا، من باب ضَرَبَ: رَفَعتُ عنه اللوم، فهو معذورٌ؛ أي: غير ملُومٍ، والاسم: الْعُذْرُ، وتُضمّ الذال للإتباع، وتُسكّن، والجمع: أَعْذَار، قاله الفيّوميّ - رحمه الله - (?).
(قَالَ) أبو هريرة - رضي الله عنه -: (فَأَقْبَلَ النَّاسُ) لمّا سمعوا قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من دخل دار أبي سفيان، فهو آمن"، (إِلَى دَارِ أَبِي سُفْيَانَ) صخر بن حرب - رضي الله عنه -، (وَأَغْلَقَ النَّاسُ أَبْوَابَهُمْ) لمّا سمعوا قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ومن أغلق بابه فهو آمن". (قَالَ) أبو هريرة: (وَأَقْبَلَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) إلى الكعبة (حَتَّى أَقْبَلَ إِلَى الْحَجَرِ)؛ أي: الأسود، (فَاسْتَلَمَهُ)؛ أي: قبّله، قال المجد - رحمه الله -: واستَلَم الحجرَ: لَمَسَهُ، إما بالقُبْلة، أو باليد، كاستلأمه. انتهى (?).
وقال الفيّوميّ - رحمه الله -: واستلأَمْتُ الحَجَرَ، قال ابن السِّكِّيتِ: هَمَزته العربُ، على غير قياس، والأصل: استَلَمْتُ؛ لأنه من السِّلام، وهي الحجارة، وقال ابن الأعرابيّ: الاستلام أصله مهموز، من الْمُلاءمة، وهي الاجتماعُ،