لأنه هَرب عادلًا عن الطريق المعتاد إلى طريق الساحل، فنجا، ولم يكن الصحابة - رضي الله عنهم - عارفين بقدوم جيش قريش: أبي جهل وأصحابه، فظنّوا أن الغلام يَكْذِبهم، فضربوه لذلك.

وقوله: (وَرَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَائِمٌ) جملة حاليّة مما قبله، وكذا قوله: (يُصَلِّي) حال من رسول الله، (فَلَمَّا رَأَى) - صلى الله عليه وسلم - (ذَلِكَ)؛ أي: ضَرْبَهم العبد إذا صدقهم بإخبار الواقع، وتَرْكَهم له إذا أخبرهم بخلاف الواقع، (انْصَرَفَ)؛ أي: سلّم - صلى الله عليه وسلم - من صلاته، قال النوويّ رحمه الله: معنى قوله: "انصرف" سَلّم من صلاته، ففيه استحباب تخفيفها إذا عرض أمر في أثنائها. انتهى (?).

(قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتَضْرِبُوهُ) اللام فيه لام الابتداء، جِيءَ بها للتوكيد، قال النوويّ رحمه الله: هكذا وقع في النسخ: "تضربوه"، و"تتركوه" بغير نون، وهي لغة، سبق بيانها مرّات، أعني حذف النون بغير ناصب، ولا جازم. انتهى (?).

قال الجامع عفا الله عنه: حذف نون الرفع بلا ناصب، ولا جازم جائز بقلّة، وقد بيّن ذلك ابن مالك رحمه الله في "الكافية الشافية"، حيث قال:

بِالنُّونِ رَفْعُ نَحْوِ "تَذْهَبُونَا" ... و"تَذْهَبَانِ" ثُمَّ "تَذْهَبِينَا"

وَاحْذِفْ إِذَا جَزَمْتَ أَوْ نَصَبْتَا ... كَـ"لَمْ تَكُونَا لِتَرُومَا سُحْتَا"

وَحْذْفُهَا فِي الرَّفْعِ قَبْلَ "نِي" أَتَى ... وَالْفَكُّ وَالإِدْغَامَ أَيْضًا ثَبَتَا

وَدُونَ "نِي" فِي الرَّفْعِ حَذْفَهَا حَكَوْا ... فِي النَّثْرِ وَالنَّظْمِ وَمِمَّا قَدْ رَوَوْا (?)

"أَبِيتُ أَسْرِي وَتَبِيتِي تَدْلُكِي ... وَجْهَكِ بِالْعَنْبَرِ وَالْمِسْكِ الذَّكِي"

وقال في "شرحه": ومثال ذلك في النثر ما رُوي من قول النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "والذي نفس محمد بيده لا تدخلوا الجنّة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015