(فَلَزِمْتُ) بكسر الزاي، وقوله: (أَنَا) أتى به؛ ليمكن عطف ما بعده على الضمير المتّصل، كما قال في "الخلاصة":

وَإِنْ عَلَى ضَمِيرِ رَفْعٍ مُتَّصِلْ ... عَطَفْتَ فَافْصِلْ بِالضَّمِيرِ الْمُنْفَصِلْ

أَوْ فَاصِلٍ ما وَبِلَا فَصْلٍ يَرِدْ ... فِي النَّظْمِ فَاشِيًا وَضُعْفَهُ اعْتَقِدْ

(وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ) بن هاشم الهاشميّ ابن عمّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأخوه من الرضاعة، أرضعتهما حليمة السعدية، قال ابن المبارك، وإبراهيم بن المنذر، وغيرهما: اسمه المغيرة، وقيل: اسمه كنيته، والمغيرة أخوه، وكان ممن يُشبه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

وأخرج الحاكم أبو أحمد، من طريق حماد بن سلمة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أبو سفيان بن الحارث سيد فتيان أهل الجنة"، قال: حَلَقه الحلاق بمنى، وفي رأسه ثؤلول، فقطعه، فمات، قال: فيرون أنه مات شهيدًا، هذا مرسل، رجاله ثقات.

وكان أبو سفيان ممن يؤذي النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ويهجوه، ويؤذي المسلمين، وإلى ذلك أشار حسان بن ثابت - رضي الله عنه - في قصيدته المشهورة [من الوافر]:

هَجَوْتَ مُحَمَّدًا فَأَجَبْتُ عَنْهُ ... وَعِنْدَ اللهِ فِي ذَاكَ الْجَزَاءُ

ويقال: إن عليًّا علّمه لمّا جاء ليُسْلم أن يأتي النبيّ - صلى الله عليه وسلم - من قِبَل وجهه، فيقول: {تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا} [يوسف: 91]، ففعل، فأجابه: {لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ} [يوسف: 92] الآية، فأنشده أبو سفيان [من الطويل]:

لَعَمْرُكَ إِنِّي يَوْمَ أَحْمِلُ رَايَةً ... لِتَغْلِبَ خَيْلُ اللَّاتِ خَيْلَ مُحَمَّدِ

فَكَالْمُدْلِجِ الْحَيْرَانِ أَظْلَمَ لَيْلُهُ ... فَهَذَا أَوَاني حَينَ أُهْدَى فَأَهْتَدِي

الأبيات، وأسلم أبو سفيان في الفتح، لقي النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وهو متوجه إلى مكة، فأسلم، وشَهِد حنيًا، فكان ممن ثبت مع النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ويقال: إنه لم يرفع رأسه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حياء منه، وذكر محمد بن إسحاق له قصيدةً رَثَى بها النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لما مات، يقول فيها [من الوافر]:

لَقَدْ عَظُمَتْ مُصيبَتُنَا وَجَلَّتْ ... عَشِيَّةَ قِيلَ قَدْ مَاتَ الرَّسُولُ

وقد أُسند عنه حديثٌ، أخرجه الدارقطنيّ في "كتاب الإخوة"، وابن قانع، من طريق سماك بن حرب، سمعت شيخًا في عسكر مدرك بن المهلب،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015