قال الجامع عفا الله تعالى عنه: قد سبق أن الراجح أن العزم على فعل المعصية، والتصميم عليه يُكتب إثمًا، وأما الهمّ الذي ذكر في هذا الحديث، فهو حديث النفس الذي لا يستقرّ، فإنه مغفور، فراجع ما سبق، تستفد علمًا، والله تعالى أعلم.

(فَإِنْ عَمِلَهَا) أي السيّئة التي همّ بها (فَاكْتُبُوهَا سَيِّئَةً) أي واحدةً، وفي رواية البخاريّ: "فاكتبوها بمثلها" (وَإِذَا هَمَّ بِحَسَنَةٍ، فَلَمْ يَعْمَلْهَا فَاكْتُبُوهَا حَسَنَةً) أي واحدةً (فَإِنْ عَمِلَهَا) أي الحسنة التي همّ بها (فَاكْتُبُوهَا عَشْرًا) هذا أقل التضعيف، وسيأتي في الروايات الآتية: "تُكتب بعشر أمثالها، إلى سبعمائة ضِعف"، وفي حديث ابن عبّاس - رضي الله عنه -: "كتبها الله عز وجل عنده عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف، إلى أضعاف كثيرة"، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - هذا متّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا في "الإيمان" [62/ 341 و 342] (128) و [62/ 343] (129) و [62/ 344] (130)، و (البخاريّ) في "التوحيد" (7501)، و (الترمذيّ) في "التفسير" (3073)، و (أحمد) في "مسنده" (2/ 242 و 315)، و (ابن حبّان) في "صحيحه" (379 و 380 و 381 و 382 و 383 و 384)، و (ابن منده) في "الإيمان" (375 و 367)، و (أبو عوانة) في "مسنده" (239 و 240 و 241)، و (أبو نعيم) في "مستخرجه" (333 و 334 و 335 و 336 و 337)، و (البغويّ) في "شرح السنّة" (4148)، والله تعالى أعلم.

(المسألة الثالثة): في فوائده:

1 - (منها): بيان كرم الله سبحانه وتعالى على عباده، وذلك بأنه يعفو عنهم ما همّوا به من السيّئات، فلا يُكتب شيءٌ منها، فإن تجرّؤوا على عملها عفا عنهم أيضًا عن مضاعفة العقاب عليهم، فلا يُجازيهم إن جازاهم إلا على سيئة واحدة.

2 - (ومنها): بيان فضل الله سبحانه وتعالى على عباده أيضًا، حيث يكتب لهم ما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015