للمؤاخذة، أو جزأها لما سكت عنه، وعلَّق المؤاخذة على غيره؛ لأن ذلك خلاف البيان الواجب عند الحاجة إليه.

وهذا الذي صار إليه القاضي هو الذي عليه عامّة السلف، وأهل العلم من الفقهاء، والمحدّثين، والمتكلّمين، ولا يُلتَفت إلى من خالفهم في ذلك، فزعم أن ما يَهُمُّ به الإنسانُ، وإن وطّن نفسه عليه لا يؤاخذ به، متمسّكًا في ذلك بقوله تعالى: {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا} [يوسف: 24]، وبقوله - صلى الله عليه وسلم -: "ما لم يعمل، أو يتكلّم به"، ومن لم يعمل بما عَزَم عليه، ولا نَطَقَ به، فلا يؤاخذ به، وهو متجاوَزٌ عنه.

والجواب عن الآية: أن من الهمّ ما يؤاخذ به، وهو ما استقرّ، واستوطن، ومنه ما يكون أحاديث لا تستقرّ، فلا يؤاخذ بها، كما شهد به الحديث، وما في الآية من القسم الثاني، لا الأول، وفي الآية تأويلات، هذا أحدها، وبه يحصل الانفصال.

وعن قوله: "ما لم يَعمل" أن توطين النفس عليه عملٌ يؤاخذ به، والذي يرفع الإشكال، ويُبيّن المراد بهذا الحديث حديث أبي كبشة الأنماريّ (?) أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إنما الدنيا لأربعة نفر ... " الحديث (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015