بنحو الهمّ والغمّ. وقالت طائفة: بل يُعاقب عليه يوم القيامة، لكن بالعتاب، لا بالعذاب.

وهذا قول ابن جُريج، والربيع بن أنس، وطائفة، ونُسب ذلك إلى ابن عبّاس أيضًا. واستدلّوا بحديث النجوى (?)، واستثنى جماعة ممن ذهب إلى عدم مؤاخذة من وقع منه الهمّ بالمعصية ما يقع في الحرم المكيّ، ولو لم يُصمّم؛ لقوله تعالى: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الحج: 25]، ذكره السدّيّ في "تفسيره" عن مرّة، عن ابن مسعود - صلى الله عليه وسلم -، وأخرجه أحمد من طريقه، مرفوعًا، ومنهم من رجّحه موقوفًا.

ويؤيّد ذلك أن الحرم يجب اعتقاد تعظيمه، فمن همّ بالمعصية فيه، خالف الواجب بانتهاك حرمته.

وتُعُقّب هذا البحثُ بأن تعظيم الله اكد من تعظيم الحرم، ومع ذلك فمن همّ بمعصيته لا يؤاخذه، فكيف يؤاخذه بما دونه؟ .

ويمكن أن يُجاب عن هذا بأن انتهاك حرمة الحرم بالمعصية تستلزم انتهاك حرمة الله؛ لأن تعظيم الحرم من تعظيم الله، فصارت المعصية في الحرم أشدّ من المعصية في غيره، وإن اشترك الجميع في ترك تعظيم الله تعالى.

نعم، من همّ بالمعصية، قاصدًا الاستخفاف بالحرم عصى، ومن همّ بمعصية الله، قاصدًا الاستخفاف بالله كفر، وإنما المعفوّ عنه من همّ بمعصية، ذاهلًا عن قصد الاستخفاف.

قال الحافظ رحمه الله تعالى: وهذا تفصيلٌ جيدٌ جدًّا، ينبغي أن يُستحضر عند شرح حديث: "لا يزني الزاني، وهو مؤمن ... ".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015