قال الجامع عفا الله عنه: الذي يترجّح عندي هو ما قاله الجمهور من أن حديث الصعب - رضي الله عنه - ليس منسوخًا، وإنما هو محمول على حالة الاضطرار إليه، بأن لا يُمكن الوصول إلى قتل الآباء إلا ببيات النساء والأطفال معهم، فهذا هو الجمع الحسن بين الحديثين دون ادّعاء النسخ، فتأمله بالإمعان، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث الصعب بن جثّامة - رضي الله عنه - هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [9/ 4539 و 4540 و 4541] (1745)، و (البخاريّ) في "الجهاد" (3012)، و (أبو داود) في "الجهاد" (2672)، و (الترمذيّ) في "الجهاد" (1570)، و (النسائيّ) في "الكبرى" (3/ 408 و 5/ 185 - 186)، و (ابن ماجه) في "الجهاد" (2839)، و (الشافعيّ) في "مسنده" (2/ 103)، و (عبد الرزّاق) في "مصنّفه" (5/ 202)، و (الحميديّ) في "مسنده" (781)، و (ابن أبي شيبة) في "مصنّفه" (12/ 388)، و (أحمد) في "مسنده" (4/ 37 و 38 و 71 و 72 و 73)، و (ابن الجارود) في "المنتقى" (1044)، و (ابن حبّان) في "صحيحه" (136 و 137 و 4786 و 4787)، و (سعيد بن منصور) في "سننه" (2/ 282)، و (الطحاويّ) في "شرح معاني الآثار" (3/ 222)، و (الطبرانيّ) في "الكبير" (8/ 86 و 87 و 88) و"الأوسط" (5/ 247)، و (أبو عوانة) في "مسنده" (4/ 222 - 223)، و (البيهقيّ) في "الكبرى" (9/ 78)، و (البغويّ) في "شرح السُّنّة" (2697)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
1 - (منها): أنه دليل على جواز العمل بالعامّ حتى يَرِدَ الخاص؛ لأن الصحابة - رضي الله عنهم - تمسَّكوا بالعمومات الدالة على قتل أهل الشرك، ثم نَهَى النبيّ - صلى الله عليه وسلم - عن قتل النساء والصبيان، فخَصّ ذلك العموم.
2 - (ومنها): أنه يَحْتَمِل - كما قال في "الفتح" - أن يُستدَلّ به على جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب إلى وقت الحاجة.