عليّ وحيٌ بخلاف ما حكمت، وهذا المعنى مُنتفٍ بعد النبيّ - صلى الله عليه وسلم -. انتهى (?).
وقال القرطبيّ - رحمه الله -: فيه حجَّة لمن يقول من الفقهاء وأهل الأصول: إن المصيب في مسائل الاجتهاد واحد، وهو المعروف من مذهب مالك وغيره، ووجه الاستدلال: هو أنه - صلى الله عليه وسلم - قد نصَّ على أن لله تعالى حكمًا معيَّنًا في المجتهَدات، فمن وافقه فهو المصيب، ومن لم يوافقه فهو مخطئ.
وقد ذهب قوم من الفقهاء، والأصوليين: إلى أن كل مجتهد مصيب، وتأولوا هذا الحديث بأن قالوا: إن معناه: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يوصي أمراءه بأن لا يُنزلوا الكفار على حكم ما أنزل الله على نبيّه - صلى الله عليه وسلم - في حال غَيْبة الأمراء عنه، وعدم علمهم به، فإنهم لا يدرون إذا فعلوا ذلك؛ هل يصادفون حُكم ما أنزل الله على نبيّه - صلى الله عليه وسلم - أم لا؟ وفي هذا التأويل بُعْدٌ وتعسّفٌ، واستيفاء المباحث في هذه المسألة في علم الأصول. انتهى كلام القرطبيّ - رحمه الله - (?).
قال الجامع عفا الله عنه: مسألة "ليس كلُّ مجتهد مصيبًا" قد حقّقتها في "التحفة المرضيّة"، و"شرحها" في الأصول، ورجّحت قول من يقول: إن المصيب واحد، ولكن المخطىء يؤجر أجرًا واحدًا باجتهاده، ولا يؤاخَذ بخطئه، فراجعه (?) تستفد علمًا جمًّا، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
وبالسند المتّصل إلى المؤلّف - رحمه الله - أوّل الكتاب قال:
[4514] ( ... ) - (وَحَدَّثَنِي حَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِر، حَدَّثَنِي عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِث، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنِي عَلْقَمَةُ بْنُ مَرْثَدٍ، أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ بُرَيْدَةَ حَدَّثَهُ، عَنْ أَبِيه، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا بَعَثَ أَمِيرًا، أَوْ سَرِيَّةً، دَعَاهُ، فَأَوْصَاهُ، وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِمَعْنَى حَدِيثِ سُفْيَانَ).
رجال الإسناد: ستة:
1 - (حَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ) هو: حجاج بن أبي يعقوب يوسف بن حجاج الثقفيّ البغداديّ، ثقةٌ حافظٌ [11] (ت 259) (م د) تقدم في في المقدمة" 6/ 40.