وقوله: (قَالُوا: يَا رَسُولَ الله، وَكَيْفَ يُؤْثِمُهُ؟ قَالَ: "يُقِيمُ عِنْدَهُ، وَلَا شَيْءَ لَهُ يَقْرِيهِ بِهِ") - بفتح حرف المضارعة -، يقال: قريتُ الضيفَ أقريه، من باب رَمَي، قِرًى، بالكسر والقصر، والاسم: الْقَرَاءُ بالفتح والمدّ؛ أي: أضفته، والمعنى: أنه لا يجد شيئًا يقدّمه له.

قال ابن بطال: إنما كَرِه له المقام بعد الثلاث؛ لئلا يؤذيه، فتصير الصدقة منه على وجه المنّ والأذى.

وتعقَّبه الحافظ: فقال: وفيه نظر؛ فإن في الحديث: "فما زاد فهو صدقة"، فمفهومه أن الذي في الثلاث لا يسمى صدقة، فالأولى أن يقول: لئلا يؤذيه، فيوقعه في الإثم بعد أن كان مأجورًا. انتهى.

والحديث متّفقٌ عليه، وقد تقدّم البحث فيه مستوفًى في "كتاب الإيمان" برقم [21/ 181] [8] (47) فراجعه تستفد، والله تعالى وليّ التوفيق.

وبالسند المتّصل إلى المؤلّف - رَحِمَهُ اللهُ - أَوَّل الكتاب قال:

[4507] ( ... ) - (وَحَدَّثَنَاهُ (?) مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ - يعني: الْحَنَفِي - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا سَعِيد الْمَقْبُرِيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبا شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيَّ يَقُولُ: سَمِعَتْ أُذُنَايَ، وَبَصُرَ عَيْنِي (?)، وَوَعَاهُ قَلْبي، حِينَ تَكَلَّمَ بِهِ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَذَكَرَ بِمِثْلِ حَدِيثِ اللَّيْث، وَذَكَرَ فِيهِ: "وَلَا يَحِلُّ لأَحَدِكُمْ أَنْ يُقِيمَ عِنْدَ أَخِيهِ حَتَّى يُؤْثمَهُ"، بِمِثْلِ مَا فِي حَدِيثِ وَكِيعٍ).

رجال هذا الإسناد: خمسة:

1 - (مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى) تقدّم قريبًا.

2 - (أبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ) عبد الكبير بن عبد المجيد، تقدّم قبل بابين.

والباقون ذُكروا قبله.

وقوله: (وَبَصُرَ عَيْنِي) وفي بعض النسخ: "وبصرت عينايَ"، و"بَصُر" - بضمّ الصاد، وكسرها -، يقال: بَصُر به، ككرُم، وفَرِحَ بَصَرًا، وبِصَارةً،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015