مما هو شرّ، أو يؤول إلى الشرّ، فَأَمَر عند إرادة الخوض فيه بالصمت.

وقد أخرج الطبرانيُّ، والبيهقيّ في "الزهد" من حديث أبي أمامة نحو حديث الباب، بلفظ: "فليقل خيرًا؛ لِيَغْنَمَ، أو ليسكت عن شرّ؛ لِيَسْلَم".

واشتمل حديث الباب من الطريقين على أمور ثلاثة، تَجمع مكارم الأخلاق الفعلية، والقولية، أما الأولان فمن الفعلية، وأولهما يرجع إلى الأمر بالتخلي عن الرذيلة، والثاني يرجع إلى الأمر بالتحلي بالفضيلة، وحاصله: من كان حامل الإيمان فهو متصف بالشفقة على خلق الله، قولًا بالخير، وسكوتًا عن الشرّ، وفعلًا لِمَا ينفع، أو تركًا لِمَا يضرّ، وفي معنى الأمر بالصمت عدّة أحاديث.

منها: حديث أبي موسى، وعبد الله بن عمرو بن العاص: "المسلم من سَلِم المسلمون من يده ولسانه"، وقد تقدما في "كتاب الإيمان".

وللطبرانيِّ عن ابن مسعود قلت: يا رسول الله أي الأعمال أفضل؟ فذكر فيها: "أن يَسلم المسلمون من لسانك"، ولأحمد، وصححه ابن حبان، من حديث البراء، رفعه في ذكر أنواع من البرّ، قال: "فإن لَمْ تُطِق ذلك، فكُفّ لسانك إلَّا من خير"، وللترمذيّ من حديث ابن عمر: "من صمت نجا"، وله من حديثه: "كثرة الكلام بغير ذكر الله تُقسي القلب"، وله من حديث سفيان الثقفيّ: قلت: يا رسول الله، ما أكثرُ ما تخاف عليّ؟ قال: "هذا"، وأشار إلى لسانه، وللطبرانيّ مثله، من حديث الحارث بن هشام، وفي حديث معاذ، عند أحمد، والترمذيّ، والنسائيّ: أخْبِرني بعمل يُدخلني الجَنَّة، فذكر الوصية بطولها، وفي آخرها: "أَلا أُخبرك بملاك ذلك كلِّه؟ كُفّ عليك هذا، وأشار إلى لسانه ... " الحديث، وللترمذيّ من حديث عقبة بن عامر: قلت: يا رسول الله، ما النجاة؟ قال: "أمسك عليك لسانك" (?).

قال الجامع عفا الله عنه: حديث أبي شُريح العدويّ - رضي الله عنه - هذا متّفقٌ عليه، وقد مضى تخريجه، وما يتعلّق به من المباحث في "كتاب الإيمان" مع حديث

طور بواسطة نورين ميديا © 2015