و 5958 و 5959 و 5960)، و (أحمد) في "مسنده" (2/ 322 و 340)، و (ابن حبّان) في "صحيحه" (5066)، و (أبو عوانة) في "مسنده" (4/ 173 - 174)، و (البيهقيّ) في "الكبرى" (10/ 268)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
1 - (منها): بيان اختلاف المجتهدين، وأن المجتهد إذا رآى خلاف ما رآه الآخر، له أن يخالفه، ولا يجوز أن يُقلّده فيه.
2 - (ومنها): بيان جواز حكم الحاكم بما يفهمه من القضيّة، قال أبو العبَّاس القرطبيّ رحمه الله: وفيه من الفقه: استعمال الحكّام الْحِيَل التي تُستخرج بها الحقوق، وذلك يكون عن قوّة الذكاء، والفطنة، وممارسة أحوال الخليقة، وقد يكون في أهل التقوى فِراسة دينيّةٌ، وتوسّماتٌ نورانيّةٌ، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء. انتهى.
وقال النووي رحمه الله: إن سليمان عليه السلام فعل ذلك تحيّلًا على إظهار الحق، فكان كما لو اعترف المحكوم له بعد الحكم، أن الحق لخصمه.
3 - (ومنها): أن فيه المسألة المشهورة، وهي أن شَرْع من قبلنا شرعٌ لنا، وهو محلّ خلاف، وهو مذهب المصنّف حيث أورد في هذا الباب قصّة داود وسليمان عليهم السلام ولم يورد غيره، وهو أيضًا مذهب البخاريّ، بل هو مذهب المحدّثين حيث إنهم يوردون تحت ترجمة شرعيّة حديثًا من أحاديث بني إسرائيل، ويحتجّون به، وهو الحقّ، على تفاصيل تقدّمت في مواضع كثيرة.
4 - (ومنها): أن هذه القصة دلّت على أن الفطنةَ والفهم موهبة من الله، لا يتعلق بكِبَر سنّ، ولا صِغَره.
5 - (ومنها): أن الحقّ في جهة واحدة، وأن الأنبياء يسوغ لهم الحكم بالاجتهاد، وإن كان وجود النص ممكنًا لديهم بالوحي، لكن في ذلك زيادة في أجورهم، ولعصمتهم من الخطإ في ذلك؛ إذ لا يُقَرُّون لعصمتهم على الباطل. قاله في "الفتح" (?).
وقال القرطبي رحمه الله: وفي هذا الحديث أن الأنبياء عليهم السلام سُوّغ لهم الحكم