و (مالك) في "الموطأ" (2/ 720)، و (عبد الرزّاق) في "مصنّفه" (8/ 364)، و (أحمد) في "مسنده" (4/ 115 و 5/ 193)، و (ابن حبّان) في "صحيحه" (5079)، و (أبو عوانة) في "مسنده" (4/ 172)، و (الطبرانيّ) في "الكبير" (5/ 232 و 233)، و (الطحاويّ) في "شرح معاني الآثار" (4/ 152)، و (البيهقيّ) في "الكبرى" (10/ 159)، و (البغويّ) في "شِرح السُّنّة" (2513)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
1 - (منها): بيان خير الشهداء، وهم المذكورون في الحديث.
2 - (ومنها): استحباب المبادرة إلى الخير، وهو معنى قوله: {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ} [البقرة: 148]، وقوله: {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} [المطففين: 26]، وقوله: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} [آل عمران: 133].
3 - (ومنها): جواز شهادة السماع، وإن لم يقل المشهود له: أُشهدك على هذا، ولا قال المشهود عليه: اشهد عليّ، فمن سمع شيئًا، وعَلِمه جاز له أن يشهد به؛ لقوله تعالى: {إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [الزخرف: 86]، وقوله عز وجل: {وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ} [الطلاق: 2]، وقوله: {وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ (33)} [المعارج: 33].
قال ابن عبد البرّ رحمه الله: قد جعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ظهور شهادة الزور، وكتمان شهادة الحقّ من أشراط الساعة، عائبًا لذلك، ومُوَبِّخًا عليه، فإذا كان كتمان شهادة الحقّ عيبًا، وحرامًا، فالبِدَار إلى الإخبار بها قبل أن يُسأل عنها فيه الفضل الجسيم، والأجر العظيم - إن شاء الله تعالى. انتهى (?)، والله تعالى أعلم.
{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}.