وقال الحافظ وليّ الدين - رحمه الله -: يجوز في إعراب قوله: "الْعَجْماءُ جرحها جُبَار" وجهان:
أحدهما: أن يكون قوله: "جَرْحُها جُبَار" جملةً من مبتدإ وخبر، وهي خبر عن المبتدإ الذي هو "العجماءُ".
والثاني: أن يكون قوله: "جَرْحُها" بدلًا من "المعجماء"، وهو بدل اشتمال، والخبر قوله: "جُبَار"، والكلام جملة واحدة، والمصدر في قوله: "جَرْحها" مضاف للفاعل؛ أي: كون العجماء تَجْرح غير مضمون. انتهى (?).
والمراد بجَرحها ما يحصل من تعدّي العجماء من الجراحة، وليست الجراحة مخصوصة بذلك، بل كل الإتلافات ملحقة بها، قال القاضي عياض (?) وجماعة: إنما عبّر بالجرح؛ لأنه الأغلب، أو هو مثالٌ نَبَّهَ به على ما عداه، والحكم في جميع الإتلاف بها سواء كان على نَفْس، أو مال سواءٌ.
(جُبَارٌ) - بضم الجيم، وتخفيف الموحدة - هو الْهَدَر الذي لا شيء فيه، كذا أسنده ابن وهب، عن ابن شهاب، وعن مالك: ما لا دية فيه، أخرجه الترمذيّ، وأصله أن العرب تُسَمِّي السيل جُبَارًا؛ أي: لا شيء فيه، وقال الترمذيّ: فَسَّر بعض أهل العلم، قالوا: العجماء الدابة المنفلتة من صاحبها، فما أصابت من انفلاتها فلا غُرْم على صاحبها، وقال أبو داود بعد تخريجه: العجماء التي تكون مُنفلتة لا يكون معها أحد، وقد تكون بالنهار، ولا تكون بالليل.
ووقع عند ابن ماجه في آخر حديث عبادة بن الصامت - رضي الله عنه -: "والعجماء: البهيمة من الأنعام وغيرها، والْجُبَار: هو الهدر الذي لا يُغْرَم، كذا وقع التفسير مُدرجًا، وكأنه من رواية موسى بن عقبة.
قال الحافظ العراقيّ - رحمه الله - في "شرح الترمذيّ": وليس ذِكر الجرح قيدًا، وإنما المراد به إتلافها بأيّ وجه، سواء كان بجرح، أو غيره.
وفي رواية البخاريّ من طريق محمَّد بن زياد، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن